mohieldin29_ Alet PretoriusGallo Images via Getty Images_africadebtclimate Alet Pretorius/Gallo Images via Getty Images

كيفية سد فجوة تمويل المناخ في أفريقيا

القاهرة/جابورون ــ إن التمويل الحالي للمناخ غير فعّال، وغير كاف، وغير عادل. ومع ارتفاع مستويات الديون وتكاليف الاقتراض، يجب تمويل العمل المناخي من خلال المزيد من الاستثمارات في الأسهم والتمويل المتوفر. وهذا يعني التركيز على احتياجات البلدان الأفريقية، المعرضة بشكل غير متناسب لتغير المناخ، على الرغم من مساهمتها الضعيفة في خلق المشكلة، في إنشاء وتنفيذ أدوات التمويل الأخضر.

وكلما أسرع قادة الاقتصادات المتقدمة والمنظمات الدولية في فهم ما تحتاجه أفريقيا لتحقيق التحول العادل في مجال الطاقة وتوفير التمويل اللازم ونقل التكنولوجيا، كلما تعاظمت فرصة وصول العالم إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.

تستضيف كينيا هذا الأسبوع قمة المناخ الأفريقية الافتتاحية، فضلا عن أسبوع المناخ الأفريقي، بهدف زيادة الالتزامات والتعهدات لدعم جهود التكيف مع المناخ وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة في القارة. وهذا يشكل مناسبة للحكومات والقطاع الخاص والمقرضين متعددي الأطراف للبدء في إزالة الحواجز النظامية التي تعوق الاستثمار والتنمية في البلدان الأفريقية.

ولتحقيق أهداف الانبعاثات التي حددها اتفاق باريس للمناخ، ستحتاج أفريقيا إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2030 ــ وهو ما يعادل تقريبا 93% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة. ولكن مع وصول الدين العام الإجمالي للقارة إلى 1.8 تريليون دولار في عام 2022، فإن العديد من البلدان الأفريقية تفتقر إلى الحيز المالي اللازم لتعبئة الموارد المحلية.

ويتعين على المستثمرين الدوليين سد هذه الفجوة من خلال توفير التمويل ونقل التكنولوجيا التي من شأنها المساعدة في بناء القدرات وتطوير الصناعة المحلية، بدلا من مجرد الاستمرار في استغلال الموارد الطبيعية للقارة. ولتحقيق هذه الغاية، بدءا من كينيا هذا الأسبوع وحتى مؤتمر الأمم المتحدة القادم لتغير المناخ (COP28) في دبي في نوفمبر وديسمبر، على الحكومات والممولين البدء في تنفيذ خمسة إصلاحات حاسمة لضمان تلبية احتياجات التمويل في أفريقيا.

أولا، يجب على المقرضين تقديم المزيد من التمويل للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. ينبغي للبنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية المتعددة الأطراف، بدعم من مساهمات تمويل المناخ من الاقتصادات المتقدمة، تقديم قروض للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بمعدل فائدة قدره 1٪ ومع فترة إعفاء مدتها عشر سنوات، وفترة سداد مدتها 20 عامًا تشجيعا للمبادرات التي تعزز القدرة على التكيف مع تغير المناخ. علاوة على ذلك، لابد أن تمتد آليات الإقراض، مثل المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، والتي كانت متاحة تقليدياً للبلدان المنخفضة الدخل فقط، إلى البلدان ذات الدخل المتوسط، وأن تتبناها مختلف المؤسسات المتعددة الأطراف.

Subscribe to PS Digital
PS_Digital_1333x1000_Intro-Offer1

Subscribe to PS Digital

Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.

Subscribe Now

كما يتعين على الحكومات ووكالات التنمية إنشاء مجمعات كبيرة ومرنة من رأس المال المتاح المخصص لمشاريع المناخ. وعليها أن تستكشف سبلا جديدة للضرائب الدولية لتوفير المنح، بدلا من القروض، عندما يكون التمويل الخاص أو العام التقليدي محدودا.

ثانيا، تستطيع بنوك التنمية المتعددة الأطراف تنفيذ خطط تعزيز الائتمان وضمان الائتمان لتحفيز مشاركة القطاع الخاص. ومن شأن مثل هذه الضمانات التخفيف من مخاطر المشروع وتعزيز ثقة المستثمرين، وجذب رأس المال الخاص الذي تشتد الحاجة إليه في أفريقيا.

ثالثا، يجب على الدائنين، بما في ذلك مجموعة العشرين، تخفيف عبء الديون عن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ولأن نحو 60% من البلدان المنخفضة الدخل تعاني من ضائقة الديون أو معرضة لخطر كبير، فإن تعليق أقساط الديون، أو حتى إلغاء الديون، من شأنه أن يحسن بشكل كبير قدرتها على الاستجابة للتأثيرات الضارة الناجمة عن الانحباس الحراري العالمي. ويتعين على بنوك التنمية المتعددة الأطراف العمل على تنفيذ بنود الديون القادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ في عقود القروض المقدمة للبلدان الأكثر فقرا، وهو ما أعلنه البنك الدولي هذا العام. علاوة على ذلك، من الممكن أن تعمل مقايضة الديون بالطبيعة والديون بالمناخ على تمكين البلدان المتلقية من سداد ديونها من خلال الاستثمار في حماية التنوع البيولوجي والعمل المناخي.

وبناء على جهوده الأخيرة لتوفير 100 مليار دولار في هيئة حقوق سحب خاصة للبلدان المعرضة لتغير المناخ، ينبغي لصندوق النقد الدولي تخصيص 100 مليار دولار إضافية من رأس المال المدفوع وأن يعيد توجيه حقوق السحب الخاصة إلى بنوك التنمية المتعددة الأطراف، بدءاً ببنك التنمية الأفريقي هذا الشهر. وسيكون ذلك متماشيا مع إعلان مراكش، وهي مبادرة لإصلاح الهيكل المالي العالمي يجري تطويرها بناء على طلب وزراء المالية الأفارقة.

رابعا، لا بد من إنشاء صندوق متعدد الشركاء للمساعدة في تخفيف مخاطر صرف العملات الأجنبية بالنسبة لمستثمري القطاع الخاص من خلال توفير العملة الفعّالة من حيث التكلفة والتحوطات القطرية للاستثمارات المناخية في أفريقيا. ومن شأن هذا الصندوق أن يقلل بشكل كبير من المخاطر المتوقعة للاستثمار في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، حتى في مواجهة تقلبات العملة.

وأخيرا، ينبغي للمقرضين أن يدعموا إنشاء مرفق يعمل على التعجيل بالمشاريع والبرامج القائمة في القارة، وخاصة تلك التي تحافظ على الطبيعة وتساعد المجتمعات على التكيف مع الأحداث المناخية القاسية مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحر. ومن الممكن أن يقوم العديد من الممولين وأدوات الاستثمار العاملة بالفعل في أفريقيا بإنشاء مثل هذا المرفق، وهو من شأنه تفادي عملية إنشاء صندوق جديد المرهقة.

وقد تم بالفعل إحراز تقدم في هذه الإصلاحات الخمسة. وفي قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد، التي انعقدت في باريس في يونيو/حزيران، حصلت السنغال على 2.7 مليار دولار من الدول المتقدمة للاستثمار في الطاقة المتجددة، كما أبرمت زامبيا اتفاقاً لإعادة هيكلة ديونها بقيمة 6.3 مليار دولار.

ومن ناحية أخرى، قدمت المجموعة الأفريقية للقدرة على مواجهة المخاطر، والتي تقدم تأمينا خاصا ضد الكوارث الطبيعية، بالفعل 720 مليون دولار لتغطية تكاليف 72 مليون شخص منذ عام 2014. ويمكننا رفع هذه المساعدة بشكل كبير من خلال إيداع الأموال بسرعة في صندوق الخسائر والأضرار الذي أنشئ في العام الماضي  أثناء قمة المناخ COP27 في مصر

وسوف تساعد تدابير التمويل المبتكرة البلدان الأفريقية على التعافي من الكوارث المناخية، وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية، واستكمال التحول إلى الطاقة النظيفة ــ وكل هذا من شأنه تحقيق مكاسب التنمية المستدامة. لكن القارة تحتاج إلى زيادة كبيرة في التمويل حتى تتمكن من جني الفوائد الكاملة للعمل المناخي.

https://prosyn.org/1TCHnRrar