sall6_JOHN WESSELSAFP via Getty Images_mackysall JOhn Wessels/AFP via Getty Images

الـحِـفاظ على استمرار قصة نجاح السنغال

داكار ــ في أواخر شهر يونيو/حزيران، احتفلت السنغال بعيد تاباسكي، نسختنا من عيد الأضحى الإسلامي. ولكن عند بعض الناس، خيمت على الاحتفالات أجواء من الحزن والـحِـداد على أولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب اندلاع أعمال عنف لا مبرر لها الشهر المنصرم. كانت الاضطرابات المدنية اختبارا للتماسك الاجتماعي في السنغال ــ وتقاليد السلام والاستقرار العريقة ــ التي نُـحـسَـد عليها في أفريقيا. لا ينبغي أبدا أن يُـضَـحَّـى بحياة مواطنينا على مذبح المصالح السياسية. نحن مُـلزَمون بحماية حياة وكرامة كل السنغاليين.

الآن، تعكف حكومتي على التحقيق في أسباب العنف، وعلى وجه الخصوص القوى الخبيثة وراء الاضطرابات، التي تزامن ظهورها مع سيل من خطاب الكراهية على وسائط التواصل الاجتماعي والهجمات السيبرانية على مواقع حكومية استراتيجية وخدمات حيوية، مثل المياه والكهرباء. لا شيء من الممكن أن يبرر أعمال العنف والإخلال بالأمن هذه، ناهيك عن تدمير الممتلكات العامة والخاصة، بما في ذلك الجامعات والمدارس. من الواضح أن الجماعات التخريبية وراء أعمال العنف هذه تريد إغراق بلادنا في الظلام وزعزعة استقرار ديمقراطيتنا.

تلقت السنغال ضربة قوية بفعل الانكماش أثناء جائحة كوفيد-19، وأزمة غلاء المعيشة التي تلته، وهذا يجعل الحياة صعبة على عدد كبير من الأسر. لكني أعلم أن الشعب السنغالي الكادح لديه القوة اللازمة للتغلب على مثل هذه التحديات. الواقع أن السنغال تتمتع بواحدة من أقوى الديمقراطيات وأكثرها استقرارا في أفريقيا، وأنا مدين بقدر عظيم من العِـرفان بالفضل لمن سبقوني في منصبي عن هذا السجل الـمُـشَـرِّف. لقد أحرزنا تقدما هائلا منذ الاستقلال قبل ستين عاما، والفرصة سانحة لنا الآن لترك إرث عظيم. فسوف تشكل القرارات التي نتخذها معا مستقبل السنغال وحياة أبنائنا وأبنائهم من بعدهم.

يقودني هذا إلى اختيار الرئيس في الخامس والعشرين من فبراير/شباط العام المقبل، عندما يواصل السنغاليون تقليد البلاد الفخور المتمثل في إجراء انتخابات نزيهة. تملكني شعور بالرضا والسرور إزاء هذا العدد الكبير من الوكالات، والمنظمات غير الحكومية والأفراد ــ بما في ذلك 512 من رؤساء البلديات ورؤساء مجالس الأقسام ــ الذين حَـثّـوني على الترشح لولاية أخرى تمتد خمس سنوات. تلقيت أيضا التشجيع والدعم من مغتربين، وحركات شبابية، ونساء، ومن حكمائنا المحترمين، ومعلمين، ومستعربين، ومنظمات دينية، وغير ذلك الكثير. وقد أظهر جميعهم الحماسة الشديدة لقيادة النضال من أجل إعادة انتخابي. لكل هؤلاء المواطنين، أريد أن أعرب عن عميق شكري وامتناني.

مع ذلك، وبعد تفكير طويل ومتأن، قررت عدم التقدم للانتخابات الرئاسية كمرشح، حتى برغم أن الدستور يسمح لي بذلك. قد يكون في هذا القرار مفاجأة لكثيرين ممن أعربوا لي عن إعجابهم وثقتهم وولائهم. لكني أود أن أذكر الجميع بأن السنغال أعظم من أي فرد. الواقع أن بلدنا ينعم بقادة آخرين قادرين هم أيضا على قيادتنا إلى المستوى التالي من التنمية.

أعلنت هذا القرار كي أضع حدا للتكهنات الجامحة حول ترشحي. خلال الفترة المتبقية من ولايتي، سأظل أركز على إدارة البلاد والوفاء بوعدي للشعب. على عكس الشائعات التي تقول إني أضمر طموحات رئاسية جديدة، لم أنس ما قلت مرارا وتكرارا في السابق: وهو أن فترة الرئاسة التي بدأتها في عام 2019 هي الثانية والأخيرة. إن شعوري بالشرف الشخصي والمسؤولية التاريخي يمليان عليّ أن أحترم كلمتي وأصون كرامتي.

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions
PS_Sales_Spring_1333x1000_V1

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions

Subscribe now to gain greater access to Project Syndicate – including every commentary and our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – starting at just $49.99.

Subscribe Now

أنا عازم على مواصلة تقليد الديمقراطية الباعث على الفخر في السنغال. وإلى أن يتم تسليم السلطة في إبريل/نيسان المقبل، سأكرس كل قوتي وطاقتي للدفاع عن المؤسسات الدستورية في جمهوريتنا. وهذا يعني إظهار الاحترام لقرارات المحاكم، وحماية سلامتنا الإقليمية، وحماية الناس والممتلكات.

لقد حققنا إنجازات لا ريب فيها ولا سبيل لإنكارها، ولا زلنا نتمتع بإمكانات لا يمكن تصورها. ولكن يجب أن نظل يقظين ومدركين للصعوبات التي تواجهنا. إن العقبات التي تقف في طريقنا حقيقية، ولدينا أعداء يعملون ضدنا من داخل البلاد وخارجها. من أجل الجيل الحالي وأجيال المستقبل، يجب أن تظل السنغال على طريق السلام، والاستقرار، والتماسك الاجتماعي، واحترام القانون، والنظام العام، والوحدة الوطنية.

يستلزم تحقيق هذه الغاية أن نتمسك جميعا بالمبادئ المدنية والدينية التي يقوم عليها النموذج الذي اخترناه لمجتمعنا. يجب أن ندافع عن الديمقراطية والحرية، وأن ندعم ونعزز أفضل ما في هويتنا السنغالية والأفريقية ــ هوية ضاربة بجذورها في تقاليدنا ومنفتحة على عالَـم من الإبداع والفرص. نحن مدينون بنجاحنا الوطني الفريد لهذه الهوية، ولا يجوز لنا أبدا أن نستخف بها.

ترجمة: إبراهيم محمد علي            Translated by: Ibrahim M. Ali

https://prosyn.org/SQiSO4dar