هونج كونج ــ في شهر فبراير/شباط، كشف مجلس الدولة الصيني عن مبادئ توجيهية لتطوير "منطقة الخليج الكبرى"، والتي تغطي تسع مدن حول دلتا نهر اللؤلؤ في إقليم قوانجدونج، بالإضافة إلى هونج كونج وماكاو. وفي حين تظل بقية دول العالم غارقة في مناقشة تبدو بلا نهاية حول كيفية تحقيق النمو الشامل المستدام، تعمل الصين على تحقيقه فعليا.
وفقا لاستراتيجية التنمية الطويلة الأجل التي تنتهجها الصين، تظل الحكومة المركزية مسؤولة عن الاستقرار والأمن الوطني في الإجمال. وعلى هذه الخلفية، ينبغي للحكومات المحلية، والشركات المملوكة للدولة، والقطاع الخاص (بما في ذلك الشركات الأجنبية) أن تتنافس لتوليد أفكار جديدة وترسيخ أفضل الممارسات التي يمكن تطبيقها على نطاق أوسع.
في عام 2010، حددت الصين ثلاثة تجمعات حضرية كبرى لقيادة هذه العملية: دلتا نهر اللؤلؤ (التي توسعت في وقت لاحق لتشمل منطقة الخليج الكبرى)؛ ودلتا نهر يانجتسي التي تتمركز في شنغهاي؛ وتجمع بكين وتيانجين وخبي. تضم هذه المناطق مجتمعة 300 مليون نسمة، وتغطي 400 ألف كيلومتر مربع، وتساهم بنحو 4.8 تريليون دولار، أو أكثر من 35% من الناتج المحلي الإجمالي في الصين.
ورغم أنها الأصغر بين المناطق الثلاث، حيث يبلغ عدد سكانها 70 مليون سمة، فإن منطقة الخليج الكبرى تمثل 1.5 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي في الصين. وبفضل الشركات الخاصة الديناميكية، التي يشارك في بعضها مستثمرون أجانب، والمشاركة العميقة في التجارة العالمية، كانت منطقة الخليج الكبرى (باستثناء هونج كونج وماكاو) تنمو بنحو 14% سنويا في الفترة من 1980 إلى 2017. وتُعَد منطقة الخليج الكبرى أفضل معبر عن الفوائد المترتبة على إصلاح الصين الموجه نحو السوق والانفتاح، وكل ما ساعد في تشكيل هذا الإصلاح من تجريب مستمر وتكيف.
في وقت حيث يعمل تغير المناخ، والتوترات الجيوسياسية، والتكنولوجيات المعطلة للأنظمة القائمة على تحويل سلاسل القيمة العالمية وأساليب الحياة، سيظل هذا النهج القائم على التجريب والتكيف ــ الذي كانت المدن والتجمعات الحضرية منصات حيوية له ــ يشكل أهمية شديدة لمستقبل الصين. الواقع أنه المفتاح إلى تطوير وتنفيذ نماذج اقتصادية أكثر استدامة وشمولا.
وسوف تتوالى الجهود الرامية إلى تحقيق مستقبل أخضر وشامل ومبدع على ثلاث جبهات. فأولا، سوف تتنافس الشركات الديناميكية ــ بما في ذلك العمالقة الراسخة مثل هواوي وتينسينت، فضلا عن مجموعة من الشركات الناشئة ــ لتقديم منتجات وخدمات أكثر كفاءة في استخدام الموارد وتوجها نحو المستهلك. كما ستساهم الجامعات والفرق البحثية ذات الطراز العالمي في هذه العملية.
As the US presidential election nears, stay informed with Project Syndicate - your go-to source of expert insight and in-depth analysis of the issues, forces, and trends shaping the vote. Subscribe now and save 30% on a new Digital subscription.
Subscribe Now
ثانيا، ستواصل الصين إحراز التقدم على مسار الإدماج والاستقرار الاجتماعي، من خلال تدابير مثل التخفيضات الضريبية والحد من الروتين البيروقراطي الذي يعيق الشركات الصغيرة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وتحسين الضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والتعليم. ولتحقيق هذه الغاية، كانت الحكومة المركزية تعمل بشكل وثيق مع السلطات المحلية على تحويلها من وحدات بيروقراطية جامدة إلى كيانات متنافسة على تنفيذ مشاريع البنية الأساسية وتقديم الخدمات العامة.
من ناحية أخرى، تبنت بعض المدن ــ كتلك في منطقة الخليج الكبرى ــ ضوابط تنظيمية صارمة تحكم المضاربة العقارية للحد من ارتفاع أسعار العقارات، في حين تعمل على توسيع نطاق توافر الإسكان المدعوم للأسر المنخفضة الدخل وشباب الخريجين. وتعمل سياسات الإسكان الشاملة هذه، إلى جانب ارتفاع الدخول الحقيقية بين أغلب سكان المناطق الحضرية، ليس فقط على تعزيز الاستقرار الاجتماعي، بل وتساعد أيضا في التصدي لفجوة التفاوت المتزايدة الاتساع في الدخل والثروة.
أخيرا، ستواصل الصين تكثيف جهودها لإنشاء مدن خضراء. وهذا يعني الحد من تلوث الهواء والماء، بما في ذلك من خلال بناء غابات رأسية مبتكرة، مع تنفيذ وتوسيع خطط إزالة الكربون في المناطق الحضرية.
وفقا لمجلة "استدامة الطبيعة"، مثلت الصين 25% من صافي الزيادة العالمية في المناطق الخضراء في الفترة من 2000 إلى 2017، بفضل برامج إعادة زراعة الغابات وتحسين إدارة استخدام الأراضي. كما تُعَد الصين الدولة الرائدة على مستوى العالم في تطوير المركبات الكهربائية الذاتية القيادة، وهو الابتكار الذي ستعمل البنية الأساسية للجيل القادم من الاتصالات اللاسلكية (5G) على تسهيل تطبيقه.
بطبيعة الحال، ليست الضرورات واحدة لكل المدن والتجمعات الحضرية. فمن منظور منطقة الخليج الكبرى، تمثل التطورات في هونج كونج أهمية خاصة. تتمتع مدينة هونج كونج بمزايا قوية في مجالات اقتصاد المعرفة العالمي. لكن هذا الاقتصاد يتغير بسرعة، بما في ذلك من خلال التحول الرقمي. ونتيجة لهذا، يستلزم الأمر عملية جريئة وتقدمية لإعادة تقييم الدور الذي تلعبه هونج كونج، مع الاهتمام بدعم أهداف التنمية الطويلة الأمد والبر الرئيسي للصين بشكل أكثر فعالية.
على وجه التحديد، تواجه هونج كونج اختناقات قصيرة الأجل، سواء من حيث المساحة المادية أو السوق، والتي يجب التغلب عليها، على سبيل المثال، من خلال الربط بين البنية الأساسية للمدينة (المادية والمعنوية) والبنية الأساسية على البر الرئيسي للصين. ومن حسن الحظ أن منطقة الخليج الكبرى أثبتت بالفعل قدرتها على إزالة اختناقات التسليم في "المراحل الأخيرة" في مجال الخدمات العامة، من النقل إلى الرعاية الصحية والتعليم.
الواقع أن "الحلم الصيني" المتمثل في تجديد الشباب الوطني، الذي يروج له الرئيس الصيني شي جين بينج، لا يدور كما يتصور بعض المراقبين في الغرب حول الهيمنة على العالم. في كل الأحوال، لا يجب أن تكون المنافسة في السوق والإبداع وريادة الأعمال ممارسات محصلتها صِفر. بل تقدمت الصين بدلا من ذلك برؤية للنمو الاقتصادي الشامل والمستدام الذي يدعم السلام العالمي والازدهار. ولا يتوانى قادة الصين عن القيام بكل ما يلزم لترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
In recent years, as China’s economy has become increasingly reliant on high-tech and modern service industries, jobs and growth have become concentrated in a few high-productivity cities. In fact, it is this inter-urban competition that has driven China’s economic transformation.
highlights the role of inter-urban competition in driving the country's economic transformation.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
The World Trade Organization's precipitous decline into irrelevance should serve as a warning to the International Monetary Fund's shareholder governments, its management, and everyone who values multilateral economic cooperation. In a rapidly changing world, global institutions must reform or die.
propose incremental changes to keep developing and emerging economies on board and engaged.
The old Europe of the Cold War sought comfort in the past and confidence in the solitary US leadership that defined the era. Unfortunately, when it comes to its own security, Europe seemingly remains in a time warp, stuck somewhere before 1989.
laments that nostalgia for US leadership unites a continent that must define the decisive action needed now.
هونج كونج ــ في شهر فبراير/شباط، كشف مجلس الدولة الصيني عن مبادئ توجيهية لتطوير "منطقة الخليج الكبرى"، والتي تغطي تسع مدن حول دلتا نهر اللؤلؤ في إقليم قوانجدونج، بالإضافة إلى هونج كونج وماكاو. وفي حين تظل بقية دول العالم غارقة في مناقشة تبدو بلا نهاية حول كيفية تحقيق النمو الشامل المستدام، تعمل الصين على تحقيقه فعليا.
وفقا لاستراتيجية التنمية الطويلة الأجل التي تنتهجها الصين، تظل الحكومة المركزية مسؤولة عن الاستقرار والأمن الوطني في الإجمال. وعلى هذه الخلفية، ينبغي للحكومات المحلية، والشركات المملوكة للدولة، والقطاع الخاص (بما في ذلك الشركات الأجنبية) أن تتنافس لتوليد أفكار جديدة وترسيخ أفضل الممارسات التي يمكن تطبيقها على نطاق أوسع.
في عام 2010، حددت الصين ثلاثة تجمعات حضرية كبرى لقيادة هذه العملية: دلتا نهر اللؤلؤ (التي توسعت في وقت لاحق لتشمل منطقة الخليج الكبرى)؛ ودلتا نهر يانجتسي التي تتمركز في شنغهاي؛ وتجمع بكين وتيانجين وخبي. تضم هذه المناطق مجتمعة 300 مليون نسمة، وتغطي 400 ألف كيلومتر مربع، وتساهم بنحو 4.8 تريليون دولار، أو أكثر من 35% من الناتج المحلي الإجمالي في الصين.
ورغم أنها الأصغر بين المناطق الثلاث، حيث يبلغ عدد سكانها 70 مليون سمة، فإن منطقة الخليج الكبرى تمثل 1.5 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي في الصين. وبفضل الشركات الخاصة الديناميكية، التي يشارك في بعضها مستثمرون أجانب، والمشاركة العميقة في التجارة العالمية، كانت منطقة الخليج الكبرى (باستثناء هونج كونج وماكاو) تنمو بنحو 14% سنويا في الفترة من 1980 إلى 2017. وتُعَد منطقة الخليج الكبرى أفضل معبر عن الفوائد المترتبة على إصلاح الصين الموجه نحو السوق والانفتاح، وكل ما ساعد في تشكيل هذا الإصلاح من تجريب مستمر وتكيف.
في وقت حيث يعمل تغير المناخ، والتوترات الجيوسياسية، والتكنولوجيات المعطلة للأنظمة القائمة على تحويل سلاسل القيمة العالمية وأساليب الحياة، سيظل هذا النهج القائم على التجريب والتكيف ــ الذي كانت المدن والتجمعات الحضرية منصات حيوية له ــ يشكل أهمية شديدة لمستقبل الصين. الواقع أنه المفتاح إلى تطوير وتنفيذ نماذج اقتصادية أكثر استدامة وشمولا.
وسوف تتوالى الجهود الرامية إلى تحقيق مستقبل أخضر وشامل ومبدع على ثلاث جبهات. فأولا، سوف تتنافس الشركات الديناميكية ــ بما في ذلك العمالقة الراسخة مثل هواوي وتينسينت، فضلا عن مجموعة من الشركات الناشئة ــ لتقديم منتجات وخدمات أكثر كفاءة في استخدام الموارد وتوجها نحو المستهلك. كما ستساهم الجامعات والفرق البحثية ذات الطراز العالمي في هذه العملية.
Go beyond the headlines with PS - and save 30%
As the US presidential election nears, stay informed with Project Syndicate - your go-to source of expert insight and in-depth analysis of the issues, forces, and trends shaping the vote. Subscribe now and save 30% on a new Digital subscription.
Subscribe Now
ثانيا، ستواصل الصين إحراز التقدم على مسار الإدماج والاستقرار الاجتماعي، من خلال تدابير مثل التخفيضات الضريبية والحد من الروتين البيروقراطي الذي يعيق الشركات الصغيرة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وتحسين الضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والتعليم. ولتحقيق هذه الغاية، كانت الحكومة المركزية تعمل بشكل وثيق مع السلطات المحلية على تحويلها من وحدات بيروقراطية جامدة إلى كيانات متنافسة على تنفيذ مشاريع البنية الأساسية وتقديم الخدمات العامة.
من ناحية أخرى، تبنت بعض المدن ــ كتلك في منطقة الخليج الكبرى ــ ضوابط تنظيمية صارمة تحكم المضاربة العقارية للحد من ارتفاع أسعار العقارات، في حين تعمل على توسيع نطاق توافر الإسكان المدعوم للأسر المنخفضة الدخل وشباب الخريجين. وتعمل سياسات الإسكان الشاملة هذه، إلى جانب ارتفاع الدخول الحقيقية بين أغلب سكان المناطق الحضرية، ليس فقط على تعزيز الاستقرار الاجتماعي، بل وتساعد أيضا في التصدي لفجوة التفاوت المتزايدة الاتساع في الدخل والثروة.
أخيرا، ستواصل الصين تكثيف جهودها لإنشاء مدن خضراء. وهذا يعني الحد من تلوث الهواء والماء، بما في ذلك من خلال بناء غابات رأسية مبتكرة، مع تنفيذ وتوسيع خطط إزالة الكربون في المناطق الحضرية.
وفقا لمجلة "استدامة الطبيعة"، مثلت الصين 25% من صافي الزيادة العالمية في المناطق الخضراء في الفترة من 2000 إلى 2017، بفضل برامج إعادة زراعة الغابات وتحسين إدارة استخدام الأراضي. كما تُعَد الصين الدولة الرائدة على مستوى العالم في تطوير المركبات الكهربائية الذاتية القيادة، وهو الابتكار الذي ستعمل البنية الأساسية للجيل القادم من الاتصالات اللاسلكية (5G) على تسهيل تطبيقه.
بطبيعة الحال، ليست الضرورات واحدة لكل المدن والتجمعات الحضرية. فمن منظور منطقة الخليج الكبرى، تمثل التطورات في هونج كونج أهمية خاصة. تتمتع مدينة هونج كونج بمزايا قوية في مجالات اقتصاد المعرفة العالمي. لكن هذا الاقتصاد يتغير بسرعة، بما في ذلك من خلال التحول الرقمي. ونتيجة لهذا، يستلزم الأمر عملية جريئة وتقدمية لإعادة تقييم الدور الذي تلعبه هونج كونج، مع الاهتمام بدعم أهداف التنمية الطويلة الأمد والبر الرئيسي للصين بشكل أكثر فعالية.
على وجه التحديد، تواجه هونج كونج اختناقات قصيرة الأجل، سواء من حيث المساحة المادية أو السوق، والتي يجب التغلب عليها، على سبيل المثال، من خلال الربط بين البنية الأساسية للمدينة (المادية والمعنوية) والبنية الأساسية على البر الرئيسي للصين. ومن حسن الحظ أن منطقة الخليج الكبرى أثبتت بالفعل قدرتها على إزالة اختناقات التسليم في "المراحل الأخيرة" في مجال الخدمات العامة، من النقل إلى الرعاية الصحية والتعليم.
الواقع أن "الحلم الصيني" المتمثل في تجديد الشباب الوطني، الذي يروج له الرئيس الصيني شي جين بينج، لا يدور كما يتصور بعض المراقبين في الغرب حول الهيمنة على العالم. في كل الأحوال، لا يجب أن تكون المنافسة في السوق والإبداع وريادة الأعمال ممارسات محصلتها صِفر. بل تقدمت الصين بدلا من ذلك برؤية للنمو الاقتصادي الشامل والمستدام الذي يدعم السلام العالمي والازدهار. ولا يتوانى قادة الصين عن القيام بكل ما يلزم لترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali