cbrown2_Citizen of the PlanetEducation ImagesUniversal Images Group via Getty Images_oil jack Citizen of the PlanetEducation ImagesUniversal Images Group via Getty Images

مشكلة النفط الكبرى في أمريكا

نيويورك – ان التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لا لبس فيه فلقد أطلقت البشرية غازات احتباس حراري تكفي لرفع درجة حرارة الجو بما لا يقل عن 1،5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة وهذا سوف يتسبب في تغير مناخي شديد لا رجعة فيه للعقدين القادمين.

ما يزال هناك متسع من الوقت لمنع الاحتباس الحراري الكارثي ولكن هذا سوف يتطلب تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 80% بحلول سنة 2030 و 100% بحلول سنة 2050 وبينما وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التقرير الأخير بإنه " الإنذار الأحمر للإنسانية"، لا تزال الاستجابة الفعالة غير مضمونة بالمرة.

طبقا للوضع الحالي فإن تقرير فجوة الانبعاثات لسنة 2020 والذي تصدره الأمم المتحدة سنويا يظهر ان دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تعمل على تخفيض الانبعاثات بالسرعة الكافية كما ان الدول النامية مستمرة في زيادة انبعاثاتها. يسارع قادة العالم قبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (مؤتمر الأطراف 26) في غلاسكو الى الاتفاق على اهداف أكثر طموحا لخفض الانبعاثات أو ما يطلق عليها المساهمات المحددة وطنيا. ان الإقرار بالحاجة الى العمل المناخي أصبح أقوى من أي وقت مضى.

لكن مهما يكن من أمر فإن الخطط التي تتم دراستها حاليا ما تزال غير كافية بالمرة كما لا تزال الإرادة السياسية اللازمة لإحداث تغيير مفقودة. لقد حذّرت وكالة الطاقة الدولية انه " يجب جسر الفجوة بين الكلام والعمل لو أردنا ان تكون هناك فرصة لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول سنة 2050 والحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما لا يزيد عن 1،5 درجة مئوية. سوف يتطلب النجاح تغييرا شاملا لأنظمة الطاقة التي تقوم على أساسها اقتصاداتنا ".

لقد اقترحت وكالة الطاقة الدولية خارطة طريق من اجل جعل قطاع الطاقة العالمي يحقق صافي صفر انبعاثات بحلول سنة 2050. ان تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يشير كذلك الى عدة مسارات من اجل عالم نحقق فيه صافي صفر انبعاثات. للأسف فإن أكبر بلد في العالم تاريخيا فيما يتعلق بإطلاق الانبعاثات أي الولايات المتحدة الأمريكية لا تتبع أي من تلك المسارات.

لو نظرنا الى مشروع قانون البنية التحتية بقيمة تريليون دولار امريكي والذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرا ، لوجدنا انه كان من المفترض ان يتضمن عددا من الأحكام المتعلقة بالمناخ مثل انشاء مقياس للكهرباء النظيفة وتمويل نقل عام بصفر انبعاثات وبنية تحتية وطنية لشحن المركبات الكهربائية وانشاء هيئة مناخية مدنية ولكن على مدى شهور من المفاوضات الخلافية ، تم إزالة تلك البنود الى حد كبير  مما نتج عن ذلك سياسة لو تم اقرارها في مجلس النواب فإن من شأنها دعم أنظمة الطاقة والنقل بالوقود الأحفوري التي عفا عليها الزمن.

Subscribe to PS Digital
PS_Digital_1333x1000_Intro-Offer1

Subscribe to PS Digital

Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.

Subscribe Now

يأمل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بالتعويض عن تلك الخسارة من خلال خطة ميزانية تبلغ 3،5 تريليون دولار امريكي سوف تدعم العمل المناخي وتعمل على توسيع شبكة الأمان الاجتماعية بشكل كبير ولكن مشروع القانون نفسه لم يُكتب بعد علما ان ذلك يقع على عاتق اللجان في الكونغرس. ان من المرجح ان العديد من عناصر مشروع ذلك القانون وخاصة فما يتعلق بالمناخ سوف تتم ازالتها أو التخفيف منها بينما يشق مشروع القانون طريقه من خلال كل لجنة.

ان هذا لا يبشر بالخير للديمقراطيين في الولايات المتحدة الأمريكية والذين يعتمدون على الدعم الانتخابي من الناخبين الشباب الذين يضعون التغير المناخي على قمة أولوياتهم، ولو خسر الديمقراطيون السلطة – في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية العام القادم على سبيل المثال-فإن فرص ان تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بعمل فعال من اجل حماية الكوكب سوف تتضاءل بشكل أكبر علما انه حتى في الوقت الحالي فإن الضغوطات من قبل جماعات الضغط التابعة لصناعة الوقود الاحفوري ومن الجمهوريين كانت قوية لدرجة ان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تفشل في كبح الإنتاج النفطي في الأراضي العامة والقبلية فحسب ، بل انها اعتمدت كذلك أكثر من 2100 تصريح حفر .

يريد الأمريكيون سياسات مناخية أقوى وفي أحد استطلاعات الرأي أشار 53% من الناخبين المسجلين ان الاحتباس الحراري يجب ان يكون من أولويات الحكومة أو على قمة أولويات الحكومة وذكر 66% مهم ان تطوير مصادر للطاقة النظيفة يجب ان يكون أولوية أو على قمة الأولويات ولقد أظهر استطلاع آخر للرأي ان حوالي ثلثي الناخبين المحتملين – بما في ذلك نصف الجمهوريين تقريبا- يعتقدون ان شركات النفط والغاز لديها نفوذ كبير.

ان هولاء محقين علما أن خلال عقود من الزمان قامت صناعة النفط بعمل دراسات تنطوي على التلاعب بالإضافة لتمويل حملات تسويق كبيرة من اجل اقناع العامة بإن النفط والغاز "الطبيعي " ضروريان للنمو الاقتصادي ولا يلحقان الضرر بالكوكب. لقد قامت تلك الشركات كذلك بالإنفاق بسخاء من اجل التأثير على المشرّعين على المستوى الوطني وعلى مستوى الولاية بما في ذلك كالفورنيا وهي أحد الولايات القيادية فيما يختص بالمناخ مما أدى الى تعطيل التشريعات والسياسات المتعلقة بالمناخ.

يتوجب على المشرّعين الأمريكيين ان يبدأوا بالاستماع للناخبين والهروب من قبضة النفط والغاز وتشريع السياسات التي تعترف بحجم الأزمة المناخية وهذا يعني خفض انبعاثات مكافىء الكربون في البلاد بشكل كبير جدا وعلى الرغم من ان الانبعاثات على المستوى الوطني زادت مؤخرا بشكل أبطأ من الناتج، الا ان وكالة الطاقة الدولية تحذّر من ان كثافة انبعاثات الكربون في الاقتصاد الأمريكي لا تزال مرتفعة للغاية علما ان هناك حاجة ملحة للتسريع في فصل الانبعاثات عن النمو الاقتصادي.

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية التقنية والموارد لخلق اقتصاد الطاقة النظيفة الحديث ولكن وبكل بساطة تفتقر للإرادة السياسة علما ان لهذا الأمر آثارا بعيدة المدى وكأكبر اقتصاد بالعالم وأكبر كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد، فإن دور الولايات المتحدة الأمريكية سوف يكون حيويا من اجل نجاح مؤتمر الأطراف 26 .

إن للولايات المتحدة الأمريكية الى جانب تأثيرها المباشر نفوذا كبيرا على الاقتصادات الكبيرة بما في ذلك الصين والتي تنتج حاليا 27% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سنويا والاتحاد الأوروبي والذي يطلق انبعاثات تصل نسبتها الى 6،4%. ان تلك الاقتصادات الثلاثة بما في ذلك أمريكا والتي تطلق 11 % من الانبعاثات تنتج حوالي نصف الانبعاثات العالمية. ان عبء العمل المناخي يقع في الأساس على تلك الاقتصادات والتي تحتاج لتوفير مساعدات مالية وحوافز لتشجيع الدول ذات الانبعاثات العالية مثل الهند (6،6%) لتبني الطاقة النظيفة.

لعقود من الزمان، امتلكت شركات النفط الكبرى نفوذا أكبر مما يتمتع به الناخبون الأمريكيون. ان التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعينة بالتغير المناخي يظهر بشكل لا لبس فيه لماذا يجب تغيير ذلك علما انه من اجل الحفاظ على كوكبنا صالحا لحياة البشر، يتوجب على الأغلبية الشعبية المؤيدة للعمل المناخي – بدءا من الأمريكيين- ان تتحد وأن تطالب الحكومات بالقيام بما هو مطلوب.

https://prosyn.org/IwxYwlhar