oneill122_Per-Anders PetterssonGetty Images_BRICS Per-Anders Pettersson/Getty Images

هل تعني مجموعة البريكس الموسعة أي شيء؟

لندن ــ عندما ابتَـكَـرْتُ التسمية المختصرة BRIC (بريك) في عام 2001، كان المغزى الأساسي من هذه الصياغة الإشارة إلى أن الحوكمة العالمية لابد أن تتكيف حتى تتمكن من إدماج أكبر اقتصادات العالم الناشئة. آنذاك، لم تكن البرازيل وروسيا والهند والصين تتصدر قائمة تلك الفئة فحسب، بل كانت مسؤولة بشكل جماعي أيضا عن حُـكم ما يقرب من نصف سكان العالَـم. وكان من المنطقي أن يأتي تمثيلها وفقا لذلك.

على مدار العقدين الأخيرين، أخطأ بعض الناس قراءة بحثي الأولي على أنه أطروحة استثمارية إلى حد ما، في حين فسره آخرون على أنه تأييد لمجموعة البريكس (أضيفت جنوب أفريقيا إلى المجموعة في عام 2010) باعتبارها تجمعا سياسيا. لكني لم أقصد أي شيء من هذا القبيل. بل على العكس من ذلك، منذ اقترح وزيرا الخارجية البرازيلي والروسي فكرة إنشاء تجمع سياسي رسمي لمجموعة البريك في عام 2009، تساءلت حول الغرض من المنظمة، بعيدا عن عملها كبادرة رمزية.

الآن وقد أعلنت مجموعة البريكس أنها ستضيف ستة بلدان أخرى ــ الأرجنتين ومِـصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ــ أطرح ذات التساؤل مرة أخرى. لا يبدو أن القرار اتخذ على أساس أي هدف واضح، ناهيك عن أي معايير اقتصادية. لماذا على سبيل المثال لم يُـطـلَـب من إندونيسيا الانضمام إلى المجموعة؟ لماذا الأرجنتين وليس المكسيك، أو أثيوبيا وليس نيجيريا؟

من الواضح أن القوة الرمزية الكامنة في مجموعة البريكس سوف تنمو. فقد تمكنت المجموعة من الاستفادة من تَـشَـكُّك الجنوب العالمي في عموم الأمر في أن منظمات الحكم العالمي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية غربية الهوى والهيمنة بدرجة أكبر مما ينبغي. ومن حين إلى آخر، كانت قادرة على تقديم نفسها على أنها صوت العالَـم الناشئ والنامي ــ وهي الفئة التي تستبعد بطبيعة الحال الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة. وبقدر ما ذَكَّـرَت الجميع بأن بنية المؤسسات الدولية لا تعكس التحولات الاقتصادية العالمية التي حدثت خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، كنا نقيس مدى نجاحها.

صحيح أن مجموعة البريكس، من حيث تعادل القوة الشرائية، أكبر قليلا من مجموعة الدول السبع. ولكن لأن عُـملاتها متداولة بأسعار أقل كثيرا من مستويات تعادل القوة الشرائية المفترضة ضمنا، فإن المجموعة تظل أصغر كثيرا من نظيرتها التي تتألف من اقتصادات متقدمة، عندما تقاس بقيمة الدولار الأميركي الاسمية الحالية.

صحيح أيضا أن الصين نجحت في ترسيخ مكانتها بقوة باعتبارها الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالَـم. ذلك أن ناتجها المحلي الإجمالي، بالقيمة الاسمية، أكبر بثلاث مرات من الناتج المحلي الإجمالي في اليابان وألمانيا، ويعادل الآن نحو 75% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، كانت الهند تنمو بسرعة، وهي تسعى الآن إلى أن تصبح الدولة صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول نهاية هذا العقد. لكن لم يكن أداء أي من دول البريكس الأخرى قريبا من أداء هاتين الدولتين. تمثل البرازيل وروسيا ذات الحصة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي التي كانت كل منهما تمثلها في عام 2001 تقريبا، وجنوب أفريقيا ليست حتى الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا (فقد تجاوزتها نيجيريا).

Subscribe to PS Digital
PS_Digital_1333x1000_Intro-Offer1

Subscribe to PS Digital

Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.

Subscribe Now

لا شك أن بعض البلدان الأعضاء في مجموعة السبع ينطبق عليها ذات الأمر. فلم تسجل إيطاليا واليابان أي نمو يُـذكَـر لسنوات عديدة، وكانت المملكة المتحدة أيضا تعاني. وكما تهيمن الصين على مجموعة البريكس بفضل حجمها الذي يعادل ضعف حجم دول المجموعة الأخرى مجتمعة، فإن الولايات المتحدة الآن أكبر من بقية دول مجموعة السبع مجتمعة. تهيمن كل من أميركا والصين على مجموعتها بدرجة أكبر حتى مما كانت عليه في الماضي. تشير هذه الديناميكيات إلى أنه لا مجموعة السبع ولا مجموعة البريكس (سواء كانت موسعة أو غير ذلك) تنطوي على أي منطق عندما يتعلق الأمر بالتصدي للتحديات العالمية اليوم. ولا تستطيع أي منهما أن تفعل الكثير دون المشاركة المباشرة والمتساوية من جانب الأخرى.

ما يحتاج إليه العالَـم حقا هو إحياء مجموعة العشرين، التي تضم بالفعل ذات اللاعبين الأساسيين، بالإضافة إلى آخرين. تظل مجموعة العشرين تمثل المنتدى الأفضل لمعالجة القضايا العالمية الحقيقية مثل النمو الاقتصادي، والتجارة الدولية، وتغير المناخ، والوقاية من الجوائح الـمَـرَضية، وما إلى ذلك. وعلى الرغم من التحديات الكبرى التي تواجهها الآن، فإنها لا تزال قادرة على استعادة الروح التي تحلت بها خلال الفترة من 2008 إلى 2010، عندما عملت على تنسيق الاستجابة الدولية للأزمة المالية العالمية. عند مرحلة ما، سيكون لزاما على الصين والولايات المتحدة التغلب على خلافاتهما والسماح لمجموعة العشرين بالعودة إلى موقعها المركزي.

أما عن مجموعة البريكس، فهي قد تكون أكثر فعالية على الهامش، إذا كان أعضاؤها الرئيسيون جادين حقا في ملاحقة أهداف مشتركة. لكن الصين والهند نادرا ما تتفقان على أي شيء، وفي ضوء العلاقات الثنائية الحالية بينهما، فمن غير المرجح أن تكون أي منهما متحمسة إزاء اكتساب الأخرى لقدر أكبر من النفوذ في المؤسسات العالمية الرئيسية (ما لم يكن نفوذهما متوازنا بالتساوي).

مع ذلك، إذا تمكنت الصين والهند من حل نزاعاتهما الحدودية وتطوير علاقة بَـنّـاءة وأكثر تقاربا، فسوف يستفيد كل من البلدين، وسوف تستفيد أيضا التجارة العالمية، والنمو الاقتصادي العالمي، وفعالية مجموعة البريكس. إن التعاون بين الصين والهند ممكن في عدد كبير من المجالات، وعلى نحو من شأنه أن يؤثر على دول البريكس الأخرى وغيرها في مختلف أنحاء الجنوب العالمي.

من القضايا الكبرى في هذا الصدد هيمنة الدولار الأميركي. ليس من المفيد أو الصحي بشكل خاص أن يعتمد العالَـم إلى هذا الحد على الدولار، وبالتالي، على السياسة النقدية التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. كان تقديم اليورو ليؤدي إلى تقليص هيمنة الدولار لو وافقت بلدان منطقة اليورو على السماح لأدواتها المالية بأن تكون سائلة وكبيرة بالقدر الكافي لاجتذاب بقية العالَم. على نحو مماثل، إذا قامت أي من دول البريكس ــ وبخاصة الصين والهند ــ بتنفيذ إصلاحات مالية كبيرة لتحقيق هذا الهدف، فمن شبه المؤكد أن استخدام عملاتها سيصبح أوسع انتشارا. ولكن إذا استمرت دول المجموعة في حصر تحركاتها في الشكوى بشأن الدولار وإعمال الفِـكر بشكل مجرد في إنشاء عُملة مشتركة لمجموعة البريكس، فمن غير المرجح أن تتمكن من تحقيق أي شيء يُـذكَر.

ترجمة: مايسة كامل            Translated by: Maysa Kamel

https://prosyn.org/Raqu5kLar