haass109_Mark WilsonGetty Images_trumplookinglikeababy Mark Wilson/Getty Images

اغتيال سليماني وتفكك الاستراتيجية الأميركية

نيويورك ــ قبل نحو ثلاثين عاما، خرجت الولايات المتحدة من الحرب الباردة وهي تتمتع بدرجة غير مسبوقة من القوة المطلقة والنسبية. السؤال المربك، والذي سيجعل المؤرخين في المستقبل في حيرة من أمرهم بكل تأكيد، هو لماذا قرر رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون تكريس قدر كبير من هذه القوة للشرق الأوسط، وإهدار كل هذا القدر من القوة الأميركية على المنطقة.

الواقع أن هذا النمط يمكن تتبعه إلى حرب الاختيار التي شنها جورج دبليو بوش ضد العراق في عام 2003. لم تكن الولايات المتحدة في احتياج إلى خوض الحرب هناك في تلك اللحظة؛ وكانت خيارات أخرى لاحتواء صدّام حسين متاحة وجاهزة إلى حد كبير. ولكن في أعقاب الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، قرر بوش أنه يجب أن يتصرف، إما لمنع صدام من تطوير واستخدام أسلحة الدمار الشامل، أو لإعطاء إشارة مفادها أن أميركا لم تكن عملاقا لا حول له ولا قوة، أو لإطلاق تحول ديمقراطي يعم المنطقة بالكامل، أو توليفة من كل ما سبق.

تسلم خلفه باراك أوباما منصبه وهو عازم على تقليص التورط الأميركي في المنطقة. وقد سحب أوباما القوات الأميركية من العراق، ورغم أنه زاد في البداية من عدد القوات الأميركية في أفغانستان، فإنه حدد جدولا زمنيا لانسحابها من هناك. كانت الفكرة الاستراتيجية الكبرى التي تبنتها إدارته تتلخص في "إعادة التوازن": إذ ينبغي للسياسة الخارجية الأميركية أن تقلل من تركيزها على الشرق الأوسط أو أن تزيد من تركيزها على آسيا، وهي المسرح الرئيسي حيث يجري تحديد مسار العالم في القرن الجديد.

https://prosyn.org/YV9GXV2ar