كيف يفكر مشترو المساكن؟

شهدت العديد من مناطق العالم ازدهاراً كبيراً في أسعار المساكن منذ أواخر تسعينيات القرن العشرين. وكما أكدت منذ عام في الطبعة الثانية من كتابي "الوفرة الطائشة"، فإن هذا الازدهار راجع إلى الاستثمار القائم على المضاربة من قِـبَل مشتري المساكن العاديين، والذين يدفعهم إلى حد كبير المفهوم العالمي السائد والذي يؤكد أن الرأسمالية قد انتصرت، وأن كل الناس لابد وأن ينتفعوا بهذا النصر من خلال شراء العقارات السكنية. ومن منطلق اقتناعهم بأن الملكية الخاصة قد أصبحت ضرورة للحياة اللائقة، عمل المشترون على نحو أدى إلى ارتفاع أسعار المساكن.

فضلاً عن ذلك فإن الخشية من عدم اللحاق بموجة الازدهار هذه قبل أن تضمحل كثيراً ما تدفع الناس إلى المزايدة في أسعار المساكن على نحو أسرع. مما لا شك فيه أن مثل هذه النظرة إلى الأمور تبدو وكأنها سيكولوجية السوق السائدة في الصين والهند، حيث الدخول المتزايدة الارتفاع وحيث ينتظر ممن أحرزوا النجاح حديثاً أن يضغطوا على أسواق الأراضي والعقارات ومواد البناء. لقد ظل ازدهار العقارات السكنية مستمراً لأعوام في المدن الرئيسية لهذه البلدان. ففي الصين، وعلى الرغم من بعض علامات الضعف ـ انحدار سوق شنغهاي على سبيل المثال ـ ما زالت الأسعار في ارتفاع في أغلب أنحاء البلاد.

لكن الازدهار القائم على مثل هذه المعتقدات ليس من الممكن أن يستمر إلى الأبد، وذلك لأن الأسعار من المستحيل أن تستمر في التصاعد إلى ما لا نهاية، ولقد بدت بالفعل الإشارات الدالة على احتمالات الانحدار الشديد. لقد تغيرت سيكولوجية السوق فجأة، الأمر الذي خلق خوفاً واسع النطاق من الهبوط الحاد في أسعار المساكن في الولايات المتحدة.

https://prosyn.org/h10veadar