elerian98_shipping_-:AFP:Getty Images -/AFP/Getty Images

لعبة التجارة العالمية

كمبريدج ــ تشهد المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين تصعيدا واضحا. فبعد إطلاق دُفعة افتتاحية من التعريفات الباهظة على الصلب والألومنيوم، أصدرت الإدارة الأميركية خطة لفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على 1333 بندا من الواردات الصينية ــ بقيمة بلغت نحو 50 مليار دولار العام الماضي ــ لمعاقبة الصين على ما تعتبره عقودا من الزمن من سرقة الملكية الفكرية. وما كان من الصين إلا أن ردت بخطة تقضي بفرض رسوم بنسبة 25% على مجموعة من السلع الأميركية، والتي تعادل قيمتها نحو 50 مليار دولار أيضا. وفي الرد على ما أسماه "الانتقام غير العادل"، يُقال إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يدرس الآن مجموعة أخرى من التعريفات تغطي ما قيمته 100 مليار دولار أخرى من الواردات من الصين. والآن يندفع خبراء الاقتصاد ومحللو السوق في محاولة لتصور ما قد يأتي لاحقا.

قد يستسلم المرء لإغراء الاعتماد على التجربة التاريخية. ولكن نظرا للظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الغالبة اليوم فمن المرجح أن يكون التاريخ دليلا هزيلا. وتأتي رؤى أكثر نفعا من نظرية الألعاب، والتي قد تساعدنا في تحديد ما إذا كان هذا التبادل للتعريفات الجمركية ليرقى في نهاية المطاف إلى مواقف استراتيجية قد تُفضي إلى "لعبة أكثر تعاونية" (التجارة الأكثر حرية وعدالة)، أو يتطور إلى "لعبة غير تعاونية" أعرض نطاقا (حرب تجارية صريحة). الواقع أن الإجابة على هذا التساؤل سوف تخلف عواقب كبيرة على الآفاق الاقتصادية والسياسية وتوقعات السوق.

أدى التوسع السريع الذي شهدته التجارة في العقود الأخيرة إلى ظهور شبكة من أشكال الاعتماد المتبادل عبر الحدود في مجالات الإنتاج والاستهلاك. فالآن أصبح من الممكن أن تشمل سلاسل الإمداد عددا من الروابط الدولية المهمة لا يقل عن عدد الروابط المحلية، وتُلبى حصة كبيرة من الطلب الداخلي بالاستعانة بمنتجات يجري إنتاجها جزئيا أو كليا في الخارج. وبينما يعمل الإبداع التكنولوجي على تقليص الحواجز التي تحول دون دخول كل من المنتجين والمستهلكين، يُصبِح تكاثر هذه الروابط أكثر سهولة، مما يؤدي إلى تضخيم ما يشكل في الأساس بالفعل خليطا متشابكا من العلاقات وأشكال الاعتماد المتبادل العابرة للحدود.

https://prosyn.org/6KSMUh0ar