moisi166_Gabriel KuchtaGetty Images_prague protest Gabriel Kuchta/Getty Images

هل تموت الديمقراطية أخيرا

باريس ــ في أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن العشرين، زعم خبراء بارزون في العلاقات الدولية، مثل الفيلسوف الفرنسي الراحل بيير هاسنر، أن العالَم يشهد عملية اضمحلال تنافسي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. ففي ذلك الوقت، كانت تكاليف الصراع الذي يخوضه الاتحاد السوفييتي في أفغانستان على وشك أن تصبح أعظم من تلك التي تكبدتها أميركا بسبب حربها في فيتنام. وبحلول عام 1989، بات الـحُكم واضحا: فقد تمكن الضمور من الاتحاد السوفييتي بسرعة أكبر كثيرا من حاله مع الولايات المتحدة، وانهارت إمبراطوريته ضحية أخطائه وتناقضاته.

اليوم، يبدو مفهوم الاضمحلال التنافسي للنماذج الإيديولوجية والسياسية وثيق الصِلة بما يجري من حولنا مرة أخرى. في مقابلة أجراها مؤخرا مع صحيفة فاينانشال تايمز، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أن مثال الديمقراطية الليبرالية أصبح "عتيقا مستهلكا". ومع ذلك فإن حشود المحتجين المتظاهرين في شوارع موسكو، وبشكل أكثر إثارة في هونج كونج، تشير إلى أن النموذج الاستبدادي يعاني من وفرة من المشاكل.

صحيح أن الديمقراطيين المهمومين يخشون الآن أن يكون العالم دخل مرحلة ثالثة أكثر قتامة من تاريخ ما بعد الحرب. كانت المرحلة الأولى، من عام 1945 إلى عام 1989، خاضعة لهيمنة الحرب الباردة. وكانت المرحلة الثانية، بين عام 1990 وعام 2016، تمثل انتصارا هشا للأنظمة الديمقراطية الليبرالية. ولكن الآن يعيش العالم، وفقا لهذه الحجة، عصرا شعبويا جديدا بالغ الخطورة، والذي بدأ بفوز أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة وانتخاب الرئيس دونالد ترمب في الولايات المتحدة.

https://prosyn.org/JvCm8ccar