b48be80146f86f880bbff154_ms5347.jpg

مهمة تركيا الجديدة

تل أبيب ـ منذ تأسست تركيا كجمهورية ظلت البلاد تتأرجح بين الإرث الغربي النـزعة الذي خلفه لها مؤسسها كمال أتاتورك وبين تراثها العثماني الشرقي. والآن أصبحت عقدة الهوية العميقة التي تعاني منها تركيا الحديثة، والتي لم تُـحل قط، سبباً في زلزلة تحالفاتها الاستراتيجية وإعادة صياغة دورها على الصعيدين الإقليمي والعالمي. ولقد أسهم التغير الحاصل في الكيفية التي تنظر بها تركيا إلى ذاتها في تشكيل مساعيها المحـبَـطة حتى الآن للعمل كوسيط سلام بين إسرائيل وأعدائها من العرب، سوريا وحماس.

والحقيقة أن العديد من المحللين يرون في الحماسة الشديدة التي أبداها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في محاولاته للاستيلاء على دور مصر باعتبارها الوسيط الإقليمي الأساسي في المنطقة، وخطبه المطولة الغاضبة في انتقاد سلوك إسرائيل في غزة، محاولة لاستعادة الدور الذي لعبته تركيا أثناء العصر العثماني كضامن للسلام والأمن الإقليميين. والحقيقة أن مؤهلاتها لتولي هذا الدور في الشرق الأوسط لا يُـستهان بها على الإطلاق.

إن تركيا تشكل قوة إقليمية عظمى حقيقية، وتمتلك واحداً من أضخم الجيوش في العالم. وهي في الوقت نفسه الدولة الإسلامية الوحيدة القادرة على الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية والسياسية الممتازة مع إيران، رغم أنها لا تقل عن إسرائيل انزعاجاً إزاء طموحات إيران النووية، وبغض النظر عن الاستياء الأميركي. لا شك أن سوريا أيضاً حليفة لإيران، ولكن ليس لأي بلد آخر في المنطقة أن يزعم أنه يتمتع بنفس القدر من النفوذ الذي تتمتع به تركيا لدى إيران. ويتجلى نفوذ تركيا الدبلوماسي في المنطقة في توقيعها مؤخراً على معاهدة صداقة مع المملكة العربية السعودية، في حين تحتفظ بعلاقات ممتازة مع باكستان والعراق.

https://prosyn.org/3OAC5star