المجتمع الكَمّي

نيويورك ــ لقد كتبت من قَبل عن الحركة الذاتية المحددة كميا ــ الأفراد المجهزون بالأدوات (أجهزة الرصد والبرامج) اللازمة لقياس صحتهم وسلوكهم بأنفسهم (وتحسين صحتهم وسلوكهم بهذا الشكل). الواقع أن هذه الحركة لا تجتاح العالم بالقطع، ولكنها تحدث فارقاً واضحا. إن هؤلاء الذين يتبنون فكرة تحديد أنفسهم كمياً يراقبون ضغط دمهم، ودورات نومهم، وكتل أجسامهم. وبعضهم على الأقل يستخدم هذه المعلومات لتحسين صحته والحياة بشكل أكثر إنتاجية.

وعلى نفس النحو، أتوقع (وأنا أحاول تعزيز هذا التوقع) نشوء حركة المجتمع الكَمي، حيث تعمل المجتمعات على قياس حالة وصحة وأنشطة أهلها ومؤسساته، وبالتالي تحسين كل ذلك. ولنتأمل معاً هذا المثال: كل مدينة لديها مدارسها، ومكتباتها، وقوات شرطتها، وطرقها وجسورها، وشركاتها، وبالطبع سكانها. وكل من هذه الجهات تولد الكثير من المعلومات، ولكن أغلب هذه المعلومات لا تُجمَع ولا تخضع للتحليل. ولكن هذا على وشك أن يتغير.

فكما هي الحال مع الذات المحددة كميا، بدأت تنشأ مؤخراً أدوات جمع وتحليل البيانات عن كل شيء من الصحة العامة إلى الحُفَر في الطرق، وأسعار العقارات، ومعدلات الالتحاق بالمدارس، وغير ذلك الكثير. والواقع أن العديد من الأدوات البرمجية المستقلة المتخصصة في تحليل البيانات والعديد من المواقع على شبكة الإنترنت توفر البيانات التي يمكن تنقيتها لاستخلاص المعلومات المحلية وتقديمها في هيئة تصورات مفيدة.

https://prosyn.org/F30MZ7war