sierakowski48_Jack TaylorGetty Images_macronEUFranceflag Jack Taylor/Getty Images

ماكرون وحيدا

وارسو ــ ربما تكون موهوبا، ووسيما، وخطيبا مفوها، وشجاعا سياسيا، ومع ذلك تعاني كثيرا. في الأمد البعيد، تشكل الحكمة وضبط النفس مكونين شديدي الأهمية للقيادة الناجحة، ويبدو أن هاتين الصفتين على وجه التحديد هما ما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يفتقر إليه حتى الآن.

يريد ماكرون قيادة الاتحاد الأوروبي إلى القرن الحادي والعشرين. لكنه لن ينجح في مسعاه هذا إلا إذا امتنع عن الغلو فيه. فإذا بالغ فإنه بذلك يفتح نفسه أمام تحد ربما يفرضه زعيم سياسي صاعد آخر. وقد يحدث هذا بمجرد خروج ألمانيا من وعكتها السياسية الداخلية، أو إذا قررت دول أعضاء أخرى تشكيل تحالف ضد فرنسا، أو إذا تسبب ماكرون في تنفير عدد أكبر مما ينبغي من القوى الفاعلة الأساسية داخل الاتحاد الأوروبي. وكلما ارتفعت طموحات ماكرون، كلما تعاظمت المخاطر التي تهدد مستقبله السياسي.

على المستوى السياسي، يمثل ماكرون تضاربا في المصطلحات. فبوصفه سياسيا مناهضا بقوة للشعبوية لكنه يستخدم مع ذلك أدوات شعبوية، رفض ماكرون الأحزاب السياسية التقليدية ودعا إلى الاستعاضة عن الساسة بأشخاص عاديين. وعلى هذا فإنه يصر على أن حركته "La République En Marche !" (الجمهورية إلى الأمام!) ليست في حقيقة الأمر حزبا سياسيا، وأنه لا ينتمي إلى اليسار ولا إلى اليمين. الفارق الرئيسي هنا هو أن برنامجه ليس قوميا بل مؤيدا لأوروبا، ويكاد يكون عالميا، وأنه يعارض الشعبويين الآخرين. لكن موقفه المؤيد لأوروبا لا يتجاوز ما تسمع به المصالح الاقتصادية الفرنسية، كما أظهر عند اختيار المرشحين لشغل المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا العام.

https://prosyn.org/LBNC2Ukar