rogoff226_Ray TamarraGC Images_aoc tax the rich Ray Tamarra/GC Images

السياسة المالية وحتمية العودة إلى الأساسيات

كمبريدج ــ تشير الزيادات الكبيرة الأخيرة في أسعار الفائدة من قِـبَـل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي إلى أن صناع السياسات عازمون على التحرك بقوة لخفض التضخم. ولكن أين العشرات من المعلقين الاقتصاديين الذين دأبوا لسنوات على الزعم بأن السياسة المالية ــ التي تعني عادة الإنفاق بالعجز ــ ينبغي لها أن تضطلع بدور أكثر نشاطا في إدارة دورات الأعمال؟ إذا كان من المنطقي حقا استخدام كل من السياسة النقدية والسياسة المالية في مقاومة انكماش روتيني، فلماذا أصبحت البنوك المركزية على نحو مفاجئ وحدها في محاولة هندسة هبوط ناعم مع ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في أربعة عقود من الزمن؟

قبل الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008، كان الإجماع على أن السياسة النقدية يجب أن تحمل لواء القيادة في التعامل مع دورات الأعمال العادية. ويجب أن تضطلع السياسة المالية بدور داعم، إلا في حالة الحروب والكوارث الطبيعية مثل الجوائح والأوبئة. عندما تحدث الأزمات المالية الجهازية، وفقا لهذا الـخط الـفِـكري، من الممكن أن تستجيب السياسة النقدية على الفور لكن السياسة المالية يجب أن تتبعها بسرعة وتتولى القيادة بمرور الوقت. تُـعَـد الضرائب والإنفاق الحكومي في صميم السياسة، لكن الاقتصادات الناجحة قادرة على التغلب على هذه المشكلة في حالات الطوارئ.

لكن على مدار العقود الأخيرة، اكتسب الرأي القائل بأن السياسة المالية ينبغي لها أن تضطلع بدور أكثر هيمنة في تثبيت استقرار الاقتصاد الكلي في الأوقات العادية ثِـقَـلا متزايدا. تأثر هذا التحول بحقيقة مفادها أن أسعار فائدة البنك المركزي ارتفعت مقابل حد سعر الفائدة الـصِـفري.  (يعتقد بعض المراقبين، وأنا منهم، أن هذه الحجة تتجاهل خيارات بسيطة وفَـعّـالة نسبيا لخفض أسعار الفائدة إلى ما دون الـصِـفر، لكنني لن أتناول هذا هنا). بيد أن حد الصِـفر لم يكن الحجة كاملة بأي حال.

https://prosyn.org/pYo7n3zar