أوروبا المتدرجة

روما ـ منذ عام واحد ما كان لأحد أن يتخيل أن الاتحاد الأوروبي، الذي ما زال يترنح من آثار الصدمة التي أصابته نتيجة لرفض المعاهدة الدستورية في العام 2005، سوف يكون مستعداً للتصديق على معاهدة الإصلاح الجديدة، التي تبناها الاتحاد الأوروبي في لشبونة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقد يتصور بعض المراقبين أن مجرد احتمال تصديق المملكة المتحدة على المعاهدة حتى قبل الدول "المؤيدة لأوروبا" تقليدياً، مثل إيطاليا، يعني أن المعاهدة تفتقر إلى المبادرات الجديدة والجريئة اللازمة للتعجيل بعملية توحيد أوروبا. إلا أن هذا التصور غير صحيح.

مما لا شك فيه أن عدم الرضا ونفاد الصبر كانا يشكلان القوة الدافعة وراء عملية التكامل الأوروبي منذ سنواتها الأولى. ولكن كما كتب روبرت شومان في إعلانه عام 1950، فإن بناء أوروبا ليس من الممكن أن يتم بين عشية وضحاها. وعلى نحو مماثل، كتب ألتيرو سبينيلّي ، أحد الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي: "لولا فضل المفكرين المبدعين لما كانت هناك أوروبا، ولكن ما كانت تصورات هؤلاء المفكرين المبدعين لتتحول إلى واقع ملموس لولا جهود رجال الدولة البرجماتيين".

الحقيقة أن نقاط الضعف التي تعيب معاهدة الإصلاح جلية واضحة. وربما كان التخلي عن مسمى "الدستور" أمراً ضرورياً لاستمالة كافة الدول الأعضاء. ولكن ما لم يكن ضرورياً على الإطلاق هو ذلك النوع من عدم اليقين والارتباك بشأن المنبر السياسي المشترك الذي لابد وأن ينطلق منه صوت أوروبا في كل ما يتصل بالسياسة الخارجية. فضلاً عن ذلك فإن قضايا مثل مساحة الحرية، والأمن، والعدالة ما زالت تتطلب الإجماع في اتخاذ القرارات الأساسية في مكافحة الجريمة والإرهاب، الأمر الذي يؤدي إلى التأخر المفرط في اتخاذ أي قرار. كما لم تنجح المعاهدة في دعم تنسيق الجهود في مجال السياسة الاقتصادية وميزانية الاتحاد الأوروبي.

https://prosyn.org/47xtEoCar