reichlin17_Thierry MonasseGetty Images_lagardelookingconcerned Thierry Monasse/Getty Images

أزمة حوكمة البنوك المركزية

لندن ــ تختلف العلاقة بين السلطات النقدية والحكومات في جوانب هامة بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. حيث تنخرط الولايات المتحدة باستمرار في نمط تقليدي يميل فيه أعضاء الحكومة إلى تفضيل السياسات المالية التوسعية والأوضاع النقدية المتساهلة، واضعين نصب أعينهم الفوز بالدورة الانتخابية التالية، في حين يسعى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مدفوعا بقلقه من الضغوط السياسية، إلى التأكيد على استقلاليته. وإذا أصبحت استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي موضع شك، فسوف يتعرض استقرار الاقتصاد الكلي المحلي - وبالتالي العالمي - للخطر.

من ناحية أخرى، فإن النمط في منطقة اليورو على العكس من ذلك. ففي عموم الأمر، يتردد صانعو السياسة المالية حيال انتهاج سياسة التحفيز حتى في مواجهة التباطؤ الاقتصادي (كما هي الحال اليوم)، والبنك المركزي الأوروبي هو الذي ينتهي به الأمر إلى محاولة الضغط على الآخرين لاتخاذ إجراءات. في الواقع، لا توجد سابقة تاريخية لهذا الانقلاب في الأدوار بين الحكومات وصانعي السياسات النقدية. فقد ظهر كنتيجة غير متوقعة لتصميم منطقة اليورو، وهو ينذر الآن بتشكيل تحد مستمر لاستقرار الكتلة.

على نطاق أوسع، تعاني كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من أعراض أزمة حوكمة اقتصادية بدأت تتراكم منذ أكثر من 30 عاما. في الولايات المتحدة، تُمنح استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي من جانب الكونجرس ويُمكن سحبها من حيث المبدأ، في حين أن استقلالية البنك المركزي الأوروبي محمية بموجب معاهدة ماستريخت. لكن هذا الأمر لا يبعث على الارتياح من منظور الأوروبيين، لأن التوتر بين السلطات النقدية الأوروبية وحكومات الدول الأعضاء قد يؤدي في النهاية إلى تقويض توافق الآراء بشأن العملة الموحدة ذاتها.

https://prosyn.org/ZCCGMbjar