acemoglu5_AleksandarGeorgievGettyImages_chairworker Aleksandar Georgiev/Getty Images

من أين تأتي الوظائف الجيدة؟

كمبريدج ــ في عيد العمال هذا العام، أصبحت الأجندة في مختلف أنحاء العالم تحتوي الآن على مقترحات سياسية كانت لتبدو شديدة التطرف قبل بضع سنوات. في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أصبحت المعدلات الضريبية الهامشية المرتفعة، والضرائب على الثروة، ونظام الرعاية الصحية حيث تتولى جهة واحدة تغطية التكاليف، من الأفكار الغالبة. ومع ذلك، ما لم يصحح المشرعون وصناع السياسات أولوياتهم، فقد تُهدَر الفرصة لأي إصلاح حقيقي، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى نشوء انقسامات اجتماعية وسياسية أشد عمقا.

ورغم أن الإصلاحات المطلوبة جذرية وشاملة، فإنها ليست الرائجة حاليا. لابد أن تكون الأولوية القصوى لخلق وظائف عالية الأجر، وينبغي لصناع السياسات أن يسترشدوا بهذا في التعامل مع كل شيء من التكنولوجيا والتنظيم والضرائب إلى التعليم والبرامج الاجتماعية. تاريخيا، لم يتمكن أي مجتمع بشري معروف من خلق الرخاء المشترك من خلال إعادة التوزيع فحسب. إن الازدهار يأتي من خلق الوظائف التي تدفع أجورا لائقة. والوظيفة المجزية، وليست إعادة التوزيع، هي التي تزود الناس بالغرض والمعنى في حياتهم.

يتطلب خلق مثل هذه الوظائف توجيه الإبداع التكنولوجي نحو تعزيز الطلب على العمال. والوظائف الجيدة لا تنشأ بشكل طبيعي من الأسواق الحرة، بل تتطلب توفر مؤسسات سوق العمل التي تحمي العمال وتعمل على تمكينهم، وأنظمة تعليمية ممولة بسخاء، وشبكات أمان اجتماعي فعّالة. هذه هي البنية المؤسسية التي منحت الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة أربعين عاما من النمو القوي الشامل بعد الحرب العالمية الثانية.

https://prosyn.org/yZFZ1Trar