تحدي بالاكوت

قمت مؤخراً بصحبة بعض الزملاء وأعضاء هيئة التدريس والطلاب من جامعة إسلام أباد برحلة إلى بالاكوت، بالقرب من مركز الزلزال الذي ضرب كشمير. لقد مُـنِـيَّت هذه البلدة الجبلية الواقعة على ضفاف نهر كونهار بدمار شامل. هناك الركام في كل مكان، والروائح الكريهة المنبعثة من الجثث المتحللة تزكم الأنوف. وبالطبع وجدت الجرذان في هذه البيئة مرتعاً لها، حتى أنني وطأت جرذاً عن طريق الصدفة فوجدته سميناً للغاية. ولكن هل هناك أية خطة لرفع وإزالة الركام الخرساني داخل البلدة وحولها؟ لا أحد يدري. لكن أهل بالاكوت يمرون علي ذلك الركام في خطى سريعة ـ والأقنعة على الأنوف في كل مكان.

ولكن هناك أنباء طيبة. فقد كانت مجموعتنا واحدة من مجموعات لا حصر لها من المواطنين العاديين الذين قرروا أن يتحركوا بعد أن بات من الواضح أن الخسائر التي نجمت عن زلزال السبت الماضي فادحة. والآن أصبح الطريق من مانسهرا إلى بالاكوت، الذي تم فتحه أخيراً بالاستعانة بجرافات الجيش العملاقة، مصطفاً بشاحنات الإغاثة المكدسة بالإمدادات التي يتبرع بها الناس من كل أنحاء البلاد. والحقيقة إنها المرة الأولى التي أرى فيها الشعب الباكستاني يشعر ويتحرك على نحو جماعي كأمة واحدة. وحتى قُـطَّاع الطرق الذين ينصبون الكمائن لنهب إمدادات الإغاثة ـ الأمر الذي يجعل من الضروري وضع حراس مسلحين ببنادق آلية كل بضع مئات من الياردات لحماية الإمدادات ـ لا يمكنهم إفساد هذه اللحظة.

كما أتت الجماعات الإسلامية من كافة أرجاء البلاد. حيث تجلب بعض هذه الجماعات معونات الإغاثة، بينما يبادر بعضها الآخر إلى إلقاء الخطب على أولئك الذين فقدوا ذويهم وخسروا أسباب رزقهم، فيحاضرونهم بشأن خطاياهم ومساوئهم التي جلبت عليهم هذه الفاجعة. ومما يبدو أن أحداً منهم لا يستطيع أن يفسر لنا لماذا يتنزل غضب الله على المساجد والمدارس ـ التي انهارت جميعها بأعداد ضخمة، ولا أحد منهم يشرح لنا لماذا دُفِن الآلاف من المؤمنين أحياءً في شهر الصيام الكريم هذا.

https://prosyn.org/unKa7Wsar