ve731c.jpg Chris Van Es

العراق والخسارة الدائمة

مدريد ــ كان طي العلم الأميركي في العراق في ظل انهيار الأمن العام والأزمة الحادة التي يواجهها النظام السياسي الهش في البلاد بمثابة السطر الأخير في فصل مأساوي من تاريخ الولايات المتحدة. إنها خاتمة واحدة من أكثر الحالات وضوحاً على الإطلاق لفرط التوسع الإمبراطوري الذي أطلق عليه نائب مجلس الشيوخ الأميركي السابق وليام فولبرايت وصف "غطرسة القوة".

إن العراق الذي مزقته بكل عنف الخصومات الدينية والعرقية ليس في حال تسمح له بالقيام بدوره في الرؤية الأميركية لجدار عربي قادر على احتواء إيران. وما لم تلحق بإيران هزيمة ساحقة في سياق مواجهتها مع الغرب بسبب برنامجها النووي، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً يتلخص في تحرك العراق الذي يهيمن عليه الشيعة إلى مسافة أقرب من المدار الاستراتيجي الإيراني بدلاً من التحول إلى جزء من التصميم الأميركي للمنطقة.

فبعد عشرة أعوام من الحرب، وسقوط أكثر من مائة ألف ضحية أغلبهم من العراقيين، والتكاليف الفلكية التي اقتربت من تريليون دولار أميركي، تخلف الولايات المتحدة من ورائها العراق الذي لم يصبح أكثر أمناً ولا أكثر ديمقراطية. بل إنه أصبح في واقع الأمر واحد من أكثر بلدان العالم فسادا (حيث يحتل المرتبة 175 بين 178 دولة وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية). أما الحرب التي كان من المفترض أن تشكل ركيزة أساسية للمساعي الرامية إلى إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط تحت توجيه أميركي فقد انتهت إلى التأكيد على انحدار نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.

https://prosyn.org/RCdOi1Lar