willems5_FRANCOIS GUILLOTPOOLAFP via Getty Images_charliehebdomemorial Francois Guillot/Pool/AFP via Getty Images

يجب ان تنتهي شيطنة الصحفيين

امستردام – لقد إقتحم سعيد وشريف كواشي في هذا الشهر قبل خمس سنوات مكاتب المجلة الفرنسية الساخرة شارلي ايبدو في باريس وخلال كابوس استمر لدقائق قليلة تمكن هولاء من قتل 12 شخص  وفي الايام التي تلت ، شارك الملايين في مسيرات في فرنسا وغيرها للتعبير عن تضامنهم مع الصحفيين المقتولين .

بالنسبة للاوروبيين ، مثلت عمليات القتل في شارلي ايبدو أول قتل جماعي يستهدف الصحفيين في اوروبا نفسها وأصبح الهاشتاق "كلنا شارلي " احد اكثر الهاشتاقات شعبية على الاطلاق وأصبح هناك تركيز على حرية الصحافة .

لكن منذ ذلك الحين خفت الحماسة للقتال من اجل حماية الصحفيين واثبتت الايام ان تعبئة الجمهور كانت لحظة عابرة بما في ذلك في حالة شارلي ايبدو وفي يناير 2019 اشتكى موظفو المجلة في افتتاحية المجلة ان الناس لم يعودوا يريدون ان يسمعوا عن اطلاق النار الذي حدث في المجلة حيث يقال ان الرسالة التي وصلتهم مفادها "ربما يجب عليكم ان تنسوا ما حدث وتتطلعوا للمستقبل ".

إن هذه اللامبالاة الواضحة ترتبط بشكل كبير بالاعتقاد الموجود لدى الكثير من الناس وهو ان شارلي ايبدو تمثل كيف يمكن ان تؤدي حرية التعبير عن نفسك الى استفزاز الاخرين وتلك الحرية اصبحت تحت المزيد من الضغط خلال السنوات الخمس الماضية .

يتضح مثل هذا التوجه في كيفية التعامل مع الصحفيين الذين يسلطون الضوء على حقائق واراء غير شعبية أو غير مريحة في تعرض هولاء لوابل من الهجمات اليومية تستهدف نزاهتهم بما في ذلك هجمات يشنها قادة سياسيين مهمين . لقد وصف الرئيس الامريكي دونالد ترامب مرارا وتكرارا الصحفيين الذين ينتقدوه  "باعداء الشعب " وخلال مؤتمر صحفي قبل عامين قام الرئيس التشيكي ميلوس زيمان بالتلويح مهددا بنسخة من بندقية أ ك-47 منقوش عليها عبارة "للصحفيين ". ان مثل تلك التصرفات تعني ان مثل هولاء القادة يجعلون الهجمات ضد الصحفيين من الامور الطبيعية .

ان العاملين في الصحافة يتعرضون بالفعل للهجوم فطبقا لمنظمة صحفيين بلا حدود لقي 49 صحفي بالعالم مصرعهم سنة 2019 بسبب عملهم ( حتى ان المعدل السنوي للسنوات الخمس الماضية هو اعلى من ذلك حيث يصل الى 81) وبالاضافة الى ذلك فإن عدد الصحفيين الذين تم اعتقالهم تعسفيا ارتفع الى 389 في العام الماضي كما ان التهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة ضد الصحفيات اصبحت من الامور اليومية حيث يتعرض الصحفيون بصورة روتينية للضرب أو لهجمات باستخدام الغاز المسيل للدموع او لسرقة معداتهم.

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions
PS_Sales_Spring_1333x1000_V1

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions

Subscribe now to gain greater access to Project Syndicate – including every commentary and our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – starting at just $49.99.

Subscribe Now

إن العنف ضد الصحفيين هو هجوم على أحد الاركان الاساسية للديمقراطية وطالما تلك الهجمات مستمرة فإن الوقت لم يحن بعد" للنسيان والتطلع للمستقبل" .

على العكس من ذلك فلقد حان الوقت لقادة الاتحاد الاوروبي ان يستيقظوا وان يوفروا حماية اكبر للصحفيين الذين يتعرضون للخطر . ان جهود مثل مبادرة بيرسفايلنغ في هولندا والتي يتعاون من خلالها الشرطة والادعاء العام ونقابة الصحفيين ورؤساء التحرير لمواجهة العنف ضد الصحفيين يجب ان يتم تطبيقها في اوروبا. يجب ان تكون هناك مساءلة للسياسيين الذين يهاجمون الصحفيين لفظيا كما يتوجب على المؤسسات الاعلامية ان تفعل المزيد لاظهار التضامن مع زملائها في المؤسسات المنافسة.

بشكل عام هناك حاجة عاجلة لمزيد من الوعي ودفاع شعبي أقوى عن قيمة الصحافة بالنسبة للمجتمع وهناك امثلة ناجحة على ذلك في السنوات الاخيرة . ان مقتل صحفيين مثل جان كوشياك في سلوفاكيا ودافني كارونا جاليزيا في مالطا أدى الى احتجاجات كبيرة أجبرت رؤساء الوزراء في البلدين على الاستقالة وبالإضافة الى ذلك فإن التحقيقات التي أجرتها المقررة الخاصة للإمم المتحدة انجيس كالامارد في مقتل جمال خاشقجي والذي كان يكتب لصحيفة واشنطن بوست زادت من الوعي العام بالنسبة للسلوك الاجرامي للقيادة السعودية .

لقد حظيت تلك القضايا بإهتمام طويل المدى ولكن من سمع بنورما سارابيا من المكسيك او ادواردو ديزون من الفلبين والذي دفعوا حياتهم ثمنا لممارستهم لعملهم كما تم سجن الصحفي النيجيري جونز ابيري للمرة الثانية العام الماضي على أساس تهم ملفقه ولقد اخبرنا مصور نيكارغواي مؤخرا انه توقف عن العمل كصحفي في الوقت الحالي لإن هذا يعني المخاطرة بحياته بشكل يومي فمن يدافع عن هولاء الأشخاص الأقل شهرة ؟

يجب ان يولي النظام القضائي اولوية أكبر للتحقيق في الهجمات ضد الصحفيين ولكن كانت هناك نتائج محدودة لسلسلة من القرارات ذات العلاقة التي تبنتها الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي. ان الطريقة الافضل لانهاء هذا الخمول القضائي هو تأسيس لجنة تحقيق بتفويض عالمي والتي ستمهد الطريق ايضا لحل مئات القضايا القديمة لصحفيين لقوا مصرعهم اثناء تأدية عملهم .

إن عشرات الصحفيين يتعرضون للقتل سنويا وفي تسع من كل عشر حالات لا يخضع الفاعلين للمساءلة وطالما استمر هذا الافلات من العقوبة فإن قتل الصحفيين يصبح عملا مربحا.

قبل خمس سنوات كنا جميعا شارلي واليوم دعونا ايضا أن نكون مئات الصحفيين الاخرين الذين قتلوا منذ ذلك الوقت .

https://prosyn.org/88PGZq8ar