Digitized sound wave Digitized sound wave/Pixabay

اقتناص الموجة الرقمية

نيويورك ــ كانت التغييرات التكنولوجية تشكل دوما تحديا ماثلا أمام الشركات. ولكنها، كما أكد لنا مرة أخرى عام 2015، لم تحدث من قبل قط لا بالسرعة ولا بالنطاق الواسع الذي تحدث به اليوم. ومع انتشار الابتكار عمليا في كل القطاعات، من الصناعة الثقيلة إلى الخدمات، يتبدل المشهد التنافسي، لتقف في صدارته الشركات الأكثر تطورا ــ بدلا من الشركات الأكبر حجما أو الأعرق تواجدا في السوق.

وأصبح العزل خطرا حقيقيا يهدد الكيانات المهيمنة. وهبط متوسط استمرار الشركات في العمل وفقا لمؤشر ستاندرز آند بوورز 500 من 90 سنة عام 1935 إلى أقل من 18 سنة اليوم. واللاعبون الخطيرون الجدد ــ مثل "أوبر" التي قلبت صناعة التاكسي رأسا على عقب ــ هم منافسون أشداء غالبا ما ينتزعون حصص من السوق بتحويل المزيد من الفائض إلى المستهلكين. وما هذا سوى جزء من نزعة أوسع نطاقا لاحتدام المنافسة التي يمكنها في غضون عقد واحد من الزمن، وفقا لبحث أجراه مؤخرا معهد ماكينزي العالمي، تخفيض مجمع الربح العالمي بعد خصم الضريبة من قرابة 10% من إجمالي الناتج المحلي العالمي اليوم إلى المستوى الذي كان عليه في ثمانينيات القرن المنصرم أي قرابة 7.9%.

تؤثر التكنولوجيا على المنافسة إلى حد بعيد بسبب قوة الأسس الرقمية ــ أي المعدات المادية والبرامج والتطبيقات ــ وبسبب تأثير الشبكة. إذ تُقَلِص الأسس الرقمية الحديثة التكاليف الحدية (أي تكلفة إنتاج وحدات إضافية من السلع أو الخدمات) إلى قرابة الصفر. فإذا أضاف المستخدم، لنقل مثلا، تطبيق "خرائط جوجل" إلى هاتفه فلن يكلفه هذا شيئا يذكر، لأن هذه الخدمة قائمة على البيانات التي يوفرها النظام العالمي لتحديد المواقع والذي يتم بالفعل تخزينه مسبقا في تلفون المستخدم. ويسمح هذا لجوجل بتوسيع نطاق عملها بمعدل سرعة قد لا يمكن تصديقه، ومن ثم يستفيد من هذا (ومن العامل المريح المتمثل في امتلاكه منفردا لمنصة تكنولوجية) للانتقال إلى قطاعات مجاورة ــ مثل الموسيقي (في جوجل بلاي) وتسديد الفواتير (في جوجل واليت) ومعالجة النصوص (في جوجل لتحرير المستندات). وعلى هذا النحو قد تسارع شركات التكنولوجيا بتحدي الكيانات المهيمنة في صناعات يبدو ظاهريا أنها غير ذات صلة.

https://prosyn.org/lxXI6OWar