oni3_Getty Images Getty Images

إعادة التفكير في الصحة الحضرية

كمبريدج- في عام 1945، اتُبع نهج مجتمعي للنهوض بالوضع الصحي في قرية (بوليلا) بجنوب أفريقيا. وفي ما أصبح يعرف باسم نموذج بوليلا، كُيفت استراتيجية الرعاية الصحية السائدة لتكون مصدرا للبيانات الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية، المتعلقة بأفراد المجتمع. فعلى سبيل المثال، مكَّنت مراقبة فشل المحاصيل المنزلية وسوء التغذية لدى الأطفال قبل سن التمدرس، المسؤولين في مجال الصحة من توقع نقاط الضعف في الصحة والرفاهية، والتدخل في وقت مبكر لمنع اعتلال الصحة.

ولسنوات عديدة، انتشرت الأفكار المركزية لنموذج (بوليلا)، واعتمدتها مجتمعات أخرى حول العالم. ولكن الرعاية الصحية تقهقرت منذ ذلك الحين إلى نهج أضيق يركز على التدخلات الطبية الأحيائية. لقد أدركنا أهمية العوامل البيئية في الصحة منذ القرن التاسع عشر، عندما ساعدت التحسينات في إدارة النفايات وظروف الإسكان على كبح جماح الكوليرا والسل في إنجلترا، مما أدى إلى زيادة متوسط العمر المتوقع آنذاك. ومع ذلك، نظرا لتسارع وتيرة النمو الحضري في العقود الأخيرة، تجاهلنا هذه الدروس، وكذلك وصايتنا على الكوكب، وترتب عن ذلك عواقب وخيمة على الصحة العامة.

لقد تطورت مدن اليوم بطرق مدمِرة للبيئة وغير مستدامة في نهاية الأمر. فهي تزيد اكتظاظا، مما يجبر الفقراء على العيش في مساكن متدنية وحرمانهم من الحصول على كل ما يتعلق بالخدمات الصحية من معلومات واتصالات ورعاية. كما أنهم يتأثرون بشدة بالإجهاد الواقع على نُظم المياه والأراضي والغذاء. ومن المرجح أن تتسبب الصدمات المتكررة الناتجة عن الكوارث الطبيعية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية والسياسية- ناهيك عن آثار الاستعمار والفصل العنصري- في زيادة اتساع نطاق عدم المساواة في الوصول إلى الخدمات الصحية ونطاق العواقب الناتجة عن ذلك.

https://prosyn.org/kLoyUWQar