aea1570446f86f380e0adf27_px2249c.jpg

الاقتصاد العالمي وموجة جرائم الشركات

نيويورك ـ لقد أصبح العالم غارقاً في احتيال الشركات، ولعل المشاكل أشد خطورة في البلدان الغنية ـ تلك التي من المفترض أنها تتمتع بالحكم الرشيد. والواقع أن حكومات البلدان الفقيرة ربما تقبل رشاوى أكثر وترتكب عدداً أكبر من الجرائم في هذا السياق، ولكن البلدان الغنية هي التي تستضيف الشركات العالمية التي تنفذ أعظم الجرائم وأضخمها. إن المال يتكلم، وهو يفسد السياسة والأسواق في مختلف أنحاء العالم.

ولا يكاد يمر يوم واحد من دون أن نسمع قصة جديدة عن عمل محظور يرتكبه مسؤول. ولقد دفعت كل شركة في وال ستريت غرامات كبيرة في السنوات العشر الماضية بسبب تزوير في العمليات المحاسبية، والمضاربة من الداخل، والاحتيال في بيع وشراء الأوراق المالية، والعمليات الاستثمارية الاحتيالية. ولقد جاءت هذه الغرامات في أعقاب سلسلة من غرامات أخرى دفعتها أكبر البنوك الاستثمارية في أميركا بهدف تسوية اتهامات خاصة بمخالفات متنوعة في مجال تداول الأوراق المالية.

ولكن هذا يعكس حقيقة مفادها أن المساءلة القانونية هزيلة للغاية. فبعد عامين من أكبر أزمة مالية في التاريخ، والتي تغذت على سلوكيات عديمة الضمير من قِبَل أكبر البنوك في وال ستريت، لم يصدر ولو حكم واحد بالسجن على أي من كبار رجال التمويل. وحين يتم تغريم الشركات عن مخالفات فإن حاملي الأسهم، وليس الرؤساء التنفيذيين والمديرين، هم من يدفعون الثمن. ولا تشكل الغرامات عادة سوى جزء ضئيل للغاية من المكاسب غير المشروعة، الأمر الذي يوحي لأباطرة وال ستريت ضمناً بأن الممارسات الفاسدة تدر عائداً أكيدا. وحتى يومنا هذا تتعامل جماعات الضغط المصرفية مع الجهات التنظيمية والساسة بمنتهى الصلف والغطرسة.

https://prosyn.org/4nqN03har