جوانتانامو وبداية النهاية

كانت "الحرب ضد الإرهاب" سبباً في إجبار الأنظمة الديمقراطية على الدخول في نضال شرس إلى حد يجعلها قادرة على حماية الحقوق المدنية والحريات سواء بالنسبة للمواطنين أو الأجانب. ولقد اتخذ الحوار في هذا الشأن زخماً قوياً في الولايات المتحدة، حيث أصبحت العبارة المكررة (اللازمة) التي تستمع إليها حيثما ذهبت هي أن الدستور ليس "ميثاقاً انتحارياً"، وأن حماية الأمن القومي تعد مبرراً قوياً لاتخاذ إجراءات استثنائية. لكن بعض هذه الإجراءات ـ مثل الاطلاع بصورة غير قانونية على سجلات البنوك والتجسس على المكالمات الهاتفية ـ يشكل تهديداً لحرية الجميع. وبعضها الآخر ـ وهو الأكثر خزياً، مثل احتجاز ما يقرب من 450 شخصاً في خليج جوانتانامو بزعم انتمائهم إلى جماعات إسلامية مقاتلة ـ يشكل اعتداءً على حقوق أناس يفترض فيهم أنهم يمثلون العدو.

منذ بعض الوقت، وفي أوج الادعاءات المتصاعدة بشأن الانتهاكات وإساءة المعاملة، أدركت حكومة الرئيس جورج دبليو بوش أنها لن تتمكن من الإبقاء على معسكر الاحتجاز في جوانتانامو قائماً إلى الأبد. إلا أنها لم تكن ترغب في تكرار تجربة محاكمة زكريا موسوي ، التي أدين فيها أخيراً وحكم عليه بالسجن مدى الحياة باعتباره المتهم العشرين في قضية هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، ولكن بعد العديد من طلبات الاستئناف الدعائية من جانب فريق الدفاع. وعلى هذا فقد اقترحت إدارة بوش حلاً وسطاً: إنشاء لجنة عسكرية يرأسها قضاة عسكريين، وتعترف بحقوق أقل للمتهمين وتمنع طلبات الاستئناف من الوصول إلى المحاكم المدنية.

ولكن في قرارها الأخير في قضية حمدان (المدعى عليه) ضد رامسفيلد (المدعي)، قالت المحكمة العليا للولايات المتحدة بكل وضوح: "كلا، لقد تجاوزت ممارسة بوش لسلطاته التنفيذية كل الحدود". ونتيجة لهذا فلسوف يكون لقرار المحكمة أثراً دائماً على البنية الدستورية للولايات المتحدة.

https://prosyn.org/4JfjWbWar