campanella20_Brent StirtonGetty Images_essential workers Brent Stirton/Getty Images

انتقام البريكاريا

تورين ــ قبل اندلاع جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، كان الافتراض السائد أن الدور الذي تضطلع به العمالة المنخفضة المهارة في الاقتصاد آخذ في التدهور. في أسواق العمل التي أربكتها التكنولوجيات الرقمية، حيث تتمتع المهن الممتازة (العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات) بمكانة مرموقة، لا يتمكن من الازدهار سوى المهنيين من ذوي التأهيل العالي. أما أولئك الذين أصبحت وظائفهم مهددة بالتكنولوجيات الجديدة فهم محكوم عليهم بحياة مزعزعة محفوفة بالمخاطر، والزيادة عن الحاجة، وتدني الحراك الاجتماعي، وتدهور مستويات المعيشة.

فضحت الجائحة جزئيا زيف هذا السرد، عندما كشفت عن أي العمال يشكل توفرهم ضرورة أساسية حقا. فقد تبين أنه لا توجد حتى الآن بدائل تكنولوجية جيدة لعمال نظافة الشوارع، أو موظفي المتاجر، أو عمال المرافق، أو عمال توصيل الطعام، أو سائقي الشاحنات، أو سائقي الحافلات الذين أبقوا على قدرة الاقتصاد على الاستمرار خلال أحلك أيام الأزمة. في العديد من الحالات، يؤدي هؤلاء العمال مهام تتطلب القدرة على التكيف الظرفي والقدرات البدنية من النوع الذي لا يمكن ترميزه بسهولة في البرمجيات وتكراره بواسطة الروبوتات.

لا ينبغي أن يكون من المستغرب حقيقة أن هؤلاء العمال الأقل مهارة يتمتعون بالقدرة على الصمود في وجه التكنولوجيات الجديدة. ففي أعقاب كل الثورات الصناعية السابقة شهد العالم أنماطا مماثلة. في أقل تقدير، يظل الاحتياج قائما للعمال البشريين عادة للإشراف على الآلات أو صيانتها أو تكميل عملها. وفي العديد من الحالات، يضطلع العمال البشريون بدور أساسي في نماذج الأعمال الجديدة المربكة المعطلة للنماذج السائدة في أي عصر بعينه. وكان التحدي يتمثل دائما في إغلاق الفجوة بين القيمة الاجتماعية التي يخلقها هؤلاء العمال والأجور التي يتلقونها.

https://prosyn.org/tPesl3rar