ostry5_Gary HershornGetty Images_shipping Gary Hershorn/Getty Images

طائر الكناري في منجم فحم التضخم

واشنطن، العاصمة ــ في خطابه الذي ألقاه في جاكسون هول في أغسطس/آب، أوضح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول أن كبح جماح التضخم على رأس أولويات الاحتياطي الفيدرالي. على الرغم من تبرؤ الاحتياطي الفيدرالي من تقييمه في العام المنصرم لارتفاع التضخم على أنه قصير الأجل، فإن الأسس التي قام عليها ذلك التقييم كانت هشة حتى عند صدوره، نظرا للشكوك العديدة حول محركات التضخم في ذلك الوقت. كان أحد هذه المحركات على وجه الخصوص، ارتفاع تكاليف الشحن البحري، غير مدروس بالقدر الوافي، على الرغم من كونه مساهما مهما في التضخم ــ والتنبؤ بمستواه. حتى في العام الفائت، كان ارتفاع تكاليف الشحن يؤدي وظيفة طائر الكناري في مناجم الفحم (كان عمال المناجم يصطحبون معهم طائر كناري داخل المنجم لتنبيههم عندما يبدأ بالاختناق إلى انخفاض مستوى الأكسجين) حيث أشار إلى الحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة لمواجهة ضغوط الأسعار المتزايدة.

تتمثل مهمة البنوك المركزية الرئيسية في العالم في الحفاظ على استقرار الأسعار، وهذا يعني أن صناع السياسات النقدية يجب أن يعكفوا على تحديد مصادر التضخم وتوقع مساره. لا شك أن القائمين على البنوك المركزية لم ينتبهوا إلى العلامة عندما قرروا في مستهل الأمر أن الزيادة الحادة التي طرأت على التضخم في عام 2021 "مؤقتة"، كما فعل باول ذات مرة. لكن مؤسسات أخرى ارتكبت ذات الخطأ. على سبيل المثال، فشل صندوق النقد الدولي على نحو مماثل في توقع ارتفاع التضخم واستمراريته. فجاءت توقعاته للاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة مماثلة لتوقعات صندوق النقد الدولي.

تؤكد أرقام صندوق النقد الدولي أيضا على البُـعد العالمي الذي انطوت عليه مفاجأة التضخم، التي أثرت على البلدان في مختلف أنحاء العالم من أستراليا إلى المملكة المتحدة، حيث بوغِـت صناع السياسات. يُـظــهِـر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في ربيع 2022 أن توقعاته للتضخم من عام سابق كانت بعيدة عن الصواب بمعامل أكثر من ثلاثة للاقتصادات المتقدمة ومعامل يزيد عن اثنين لاقتصادات الأسواق النامية والناشئة، وكذا للعالم ككل.

https://prosyn.org/5FDznCVar