أوروبا الغنية، أوروبا الفقيرة

منذ أيامه الأولى كان الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة عبر أقاليمه المتعددة. وتحتوي معاهدة ماستريخت على هذه العبارة اللافتة للنظر: "التنمية الكلية المتناسقة". ولكن على الرغم من الوقع المثير لهذه العبارة، إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بوجود "حقيقة علمية" ثابتة بشأن المستوى "الملائم" من التفاوت والسرعة الصحيحة للتقارب.

ولكن من المفيد هنا أن نقارن بين التفاوت الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي والتفاوت الاقتصادي في الولايات المتحدة لكي نخرج بتقييم للتقارب الإقليمي في أوروبا ـ على أن نضع في الحسبان أن الولايات المتحدة كانت "دولة أممية" منذ ما يزيد على القرنين من الزمان، بينما قد لا يتجاوز الاتحاد الأوروبي كونه اتحاداً كونفدرالياً بين 27 دولة في ظل هيكل فوق وطني.

ولنلق أولاً نظرة تاريخية على الجزء الغربي من الاتحاد الأوروبي. في العام 1960 كانت معدلات التفاوت في إطار ما عُـرِف فيما بعد بالاتحاد الأوروبي-15 تكاد تتجاوز ضعفي معدلات التفاوت بين الولايات الأميركية. والآن أصبح هذا التفاوت شبيهاً بالتفاوت في الدخول في أميركا. ولقد هبطت معدلات التفاوت في الدخول إلى النصف سواء على الصعيد الوطني حين نعبر عنها باليورو والأسعار الحقيقية، أو حين نضع في اعتبارنا الاختلافات في القوة الشرائية.

https://prosyn.org/lcvVPi8ar