4209600246f86fc408d8180b_pa794c.jpg

العودة إلى حافة الهاوية

نيويورك ـ يذهب أحد تفسيرات الأزمة المالية إلى وصفها بأنها، طبقاً لتعبير نسيم طالب، عبارة عن حدث أشبه "بالبجعة السوداء" ـ حدث غير مخطط له ولا يمكن التنبؤ بوقوعه، ويعمل على تغيير مسار التاريخ. ولكن في كتابي الجديد عن الأزمات المالية، والذي صدر تحت عنوان "اقتصاد الأزمة" ـ وهو الكتاب الذي لا يكتفي بتغطية الأزمة الأخيرة، بل وأيضاً العشرات من الأزمات الأخرى التي شهدها العالم عبر التاريخ سواء في البلدان المتقدمة أو في الأسواق الناشئة ـ أوضح أن الأزمة المالية في واقع الأمر حدث يمكن التنبؤ بوقوعه (بجعة بيضاء). وما يحدث الآن ـ المرحلة الثانية من الأزمة المالية العالمية ـ لم يكن أقل قابلية للتنبؤ بوقوعه.

إن الأزمات المالية تقع كنتيجة حتمية لتراكم مخاطر الاقتصاد الكلي والمجازفات المالية والسياسية ونقاط الضعف: فقاعات الأصول، والإفراط في خوض المجازفات والإنفاق بالاستدانة، وموجات ازدهار الائتمان، والسياسات النقدية المتساهلة، والافتقار إلى القدر الكافي من التنظيم والإشراف على النظام المالي، والجشع، ودخول البنوك وغيرها من المؤسسات المالية في استثمارات محفوفة بالمخاطر.

ويشير التاريخ أيضاً إلى أن الأزمات المالية تميل إلى التحول إلى أشكال جديدة بمرور الوقت. فالأزمات كتلك التي عانينا منها مؤخراً كانت مدفوعة في مستهل الأمر بانتشار الديون المفرطة والإنفاق بالاستدانة بين مؤسسات القطاع الخاص ـ الأسر، والبنوك والمؤسسات المالية، والشركات. ولقد أدى ذلك في النهاية إلى إعادة تمويل القطاع العام بالاستدانة مع تسبب الحوافز المالية وتعميم الخسائر الخاصة ـ برامج الإنقاذ ـ في ارتفاع عجز الموازنة وتراكم الديون العامة إلى حد خطير.

https://prosyn.org/nRPJhflar