Poverty Protest in front of Bucharest Parliament Daniel Mihailescu/Getty Images

الشعبوية للأغنياء

بوخارست ــ انضممت في بوخارست مؤخرا إلى جولة في قصر البرلمان، المبنى العملاق المبهرج الباهظ التكلفة الذي بُني في ثمانينيات القرن العشرين بأمر الدكتاتور الروماني الراحل نيكولاي تشاوشيسكو، الذي أُعدِم قبل أن يتمكن من رؤيته وقد اكتمل بناؤه. وكانت الإحصاءات التي ذَكَرها مرشدنا مذهلة: ثالث أكبر صَرح في العالم، 220 ألف قدم مربع من السجاد، مليون متر مربع من الرخام، 3500 طن من الكريستال. حتى أن السلالم الرخامية أعيد بناؤها عِدة مرات لكي تتطابق تماما مع خطوات الدكتاتور، الذي كان رجلا ضئيل الحجم.

ولبناء هذا المسخ النيو كلاسيكي، هُدِّمَت رقعة كاملة من المدينة، منطقة جميلة من المنازل والكنائس والمعابد من القرن الثامن عشر، الأمر الذي كان سببا في نزوح أربعين ألف شخص. وعمل أكثر من مليون شخص في المشروع دون توقف ليلا ونهارا. وكاد هذا المشروع يُفلِس الدولة، حتى برغم أن رعايا تشاوشيسكو أرغِموا على العمل من دون تدفئة أو كهرباء أغلب الوقت. ولا تزال صيانة المكان، الذي يضم الآن البرلمان الروماني ومتحفا للفنون، تتكلف ستة ملايين دولار سنويا، على الرغم من عدم استخدام 70% من المبنى.

إن هذا الصرح الأحمق الذي شيده تشاوشيسكو يقف كنصب تذكاري لجنون العظمة. ولكنه ليس فريدا من نوعه بأي حال، باستثناء حجمه (وإن كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاول منافسته في حجمه بقصره الجديد في أنقرة). من اللافت للنظر حقا كيف يفكر المصابون بجنون العظمة من نوع بعينه على نحو مماثل، أو على الأقل يشتركون في ذوق مماثل في الهندسة المعمارية. فقد عكست خطط هتلر لإعادة بناء برلين نفس العملقة النيو كلاسيكية. ويُعَد التزيين الداخلي في قصر بوخارست، وهو أشبه بطراز لويس الرابع عشر ولكن مع الاستعانة بمنشطات، النسخة الأكثر بهرجة وإسرافا من سكن دونالد ترامب في فلوريدا ونيويورك.

https://prosyn.org/A3HJlDDar