68a2c10246f86fa007fc8e14_pa3663c.jpg

مسألة "رؤية أوباما"

مدريد ـ بعد المهانة التي لحقت به بسبب فوز الجمهوريين الساحق في انتخابات التجديد النصفي، بات لزاماً على الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يتفاوض على كل التفاصيل الصغيرة في أجندته المحلية مع كونجرس ميال إلى المواجهة ـ على الأقل إلى أن يحين موعد الانتخابات القادمة في عام 2012. ويستطيع الكونجرس أيضاً أن يعرقل سياسة أوباما الخارجية، ولكن السياسة الخارجية تظل تشكل "المجال الذي يتمتع فيه رئيس الولايات المتحدة بامتيازات تكاد تكون ملكية" على حد تعبير أليكسيس دو توكوفيل الذي يتسم بالمبالغة بعض الشيء.

بيد أن هذه الامتيازات لم تسمح لأوباما حتى الآن بأكثر من وصف الهيئة التي يريد للعالم أن يكون عليها، وليس تحقيق رؤيته بالفعل. والواقع أن جورج دبليو بوش ارتكب كافة الخطايا القاتلة التي ارتكبتها كل الإمبراطوريات التي سقطت على مر التاريخ ـ وأعظمها خطيئة التوسع المفرط. وكان البديل الذي عرضه أوباما يتلخص في الأمن العالمي الجمعي المدعوم بهياكل أمنة متعددة الأطراف. فبدلاً من احتواء القوى الصاعدة مثل الصين والهند، يسعى هذا البديل إلى اجتذابها إلى النظام العالمي المتحضر القائم على الحوكمة العالمية و"الدبلوماسية الذكية".

ولكن بدلاً من بناء مثل هذا النظام فإن رئاسة أوباما كانت حتى الآن عبارة عن نضال مستميت لوقف انحدار القوة الأميركية. فقد عجز تماماً عن إحراز أي تقدم حقيقي نحو أرض الميعاد حيث تعيش أميركا في سلام مع العالم الإسلامي بفضل التسوية الإسرائيلية الفلسطينية؛ أو إخلاء كوكب الأرض من الأسلحة النووية (وهو التعهد النبيل رغم استغراقه في الوهم)؛ أو حمل روسيا على المساعدة في التصدي للمشاكل العالمية الأخرى؛ أو احتواء المساعي الصينية الرامية إلى ترجمة القوة الاقتصادية المتنامية التي اكتسبتها الصين إلى مكاسب استراتيجية كبرى؛ أو إنهاء الحربين الأميركيتين الخادعتين المشتتتين في بلدين إسلاميين؛ أو قيادة تحالف دولي متين لوقف طموحات إيران النووية.

https://prosyn.org/3QkjBHKar