فقاقيع في الحساء

نيويورك ــ مع استمرار انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي عن الاتجاه وارتفاع مستويات البطالة في ابتلاء أغلب الاقتصادات المتقدمة، لجأت بنوكها المركزية إلى سياسة نقدية غير تقليدية على نحو متزايد. فقدمت لنا ما يشبه الحساء من التدابير: سياسة سعر الفائدة صفر؛ والتيسير الكمي (شراء السندات الحكومية لخفض أسعار الفائدة الطويلة الأجل عندما تكون أسعار الفائدة الرسمية القصيرة الأجل عند مستوى الصفر)؛ والتيسير الائتماني (شراء الأصول الخاصة بهدف خفض تكاليف رأس المال بالنسبة للقطاع الخاص)؛ والتوجيهات المسبقة (الالتزام بالحفاظ على التيسير الكمي أو سعر الفائدة عند مستوى الصفر، إلى أن يبلغ معدل البطالة هدفاً معيناً على سبيل المثال). حتى أن البعض ذهبوا إلى حد اقتراح سياسة أسعار الفائدة السلبية (الأدنى من الصفر).

ورغم كل هذا فقد ظلت معدلات النمو منخفضة بعناد ومعدلات البطالة مرتفعة إلى حد غير مقبول، ويرجع هذا جزئياً إلى أن الزيادة في المعروض من المال في أعقاب التيسير الكمي لم تؤد إلى خلق الائتمان لتمويل الاستهلاك الخاص أو الاستثمار. فبدلاً من ذلك، عملت البنوك على اختزان الزيادة في القاعدة النقدية في هيئة احتياطيات فائضة عاطلة. كما نشأت ضائقة ائتمانية، مع امتناع البنوك التي لا تملك رؤوس أموال كافية عن إقراض المقترضين المخاطرين، في حين أدى النمو البطيء وارتفاع مستويات ديون الأسر أيضاً إلى ركود الطلب على الائتمان.

ونتيجة لهذا فإن كل هذه السيولة الفائضة تتدفق الآن إلى القطاع المالي بدلاً من الاقتصاد الحقيقي. كما تشجع سياسة أسعار الفائدة الأقرب إلى الصفر "فقات الشراء بالاقتراض" ــ الاستثمار الممول بالاستدانة في الأصول الخطرة ذات العائد الأعلى مثل السندات الحكومية والخاصة الأطول أجلا، والأسهم، والسلع الأساسية، وعملات البلدان التي تقدم أسعار فائدة مرتفعة. وكانت النتيجة أسواق مالية ضحلة قد تتحول في نهاية المطاف إلى أسواق للفقاعات.

https://prosyn.org/EDT8DFTar