campanella22_Getty Images_putin Getty Images

الحنين إلى الماضي يموت آخرا

مدريد ــ قبل الجائحة، كان الحنين إلى الماضي من القوى الرئيسية التي تحرك السياسة العالمية. صعد دونالد ترمب إلى السلطة على وعد "بجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". وربح أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي معركتهم السياسية جزئيا بإضفاء الطابع المثالي على ماضي بريطانيا الإمبراطوري. وفي حين دعـا الرئيس الصيني شي جين بينج إلى "عملية تجديد كبرى لشباب الشعب الصيني"، لاحَـق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طموحات العثمانية الجديدة، وأعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن أسفه إزاء الخسائر الإقليمية التي تكبدتها مملكة المجر بعد الحرب العالمية الأولى.

توقفت هذه الميول عندما أجبرت الجائحة الجميع على التركيز على أزمة أشد إلحاحا. ولكن الآن بعد أن بدأت جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) تنحسر تدريجيا، عاد الحنين إلى الماضي بقوة. حَـمَـل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن هذا الشكل من السياسة إلى مداه الأقصى بتبرير حربه العدوانية ضد أوكرانيا على أسس زائفة مفادها أن جارة روسيا "جزء لا يتجزأ من تاريخنا وثقافتنا وحيزنا الروحاني".

كما هي الحال دوما مع روايات الحنين إلى الماضي، تنطوي قصة بوتن على "عصر ذهبي" أتبعه "صدع عظيم"، أدى إلى حالة الـسُـخط الحالية. كان العصر الذهبي متمثلا في الإمبراطورية الروسية، التي كانت أوكرانيا ولاية متكاملة تماما فيها. وجاء الصدع عندما أنشأ فلاديمير لينين اتحادا فيدراليا للجمهوريات الوطنية السوفييتية من التنوع الـعِـرقي الذي ميز الإمبراطورية الروسية السابقة. وفقا لزعم بوتن، يترتب على ذلك أن "أوكرانيا الحديثة أنشئت بالكامل من قِـبَـل روسيا، أو على وجه الدقة، أنشأتها روسيا البلشفية الشيوعية". أخيرا، يُـعزى السخط الحالي إلى استمرار هذا الانفصال. على حد تعبير بوتن في مارس/آذار 2014، "كييف هي أم المدن الروسية. وروس الكييفية القديمة هي منشأنا المشترك ولا يمكننا العيش بدون بعضنا بعضا".

https://prosyn.org/NtCY9YFar