كمبريدج ــ يصبح أي نموذج اقتصادي جديد راسخا بالفعل حينما يبدأ معارضوه المزعومون في رؤية العالم من خلال عدساته. فقد حظي نموذج دولة الرفاه الكينزية (الذي اقترحه جون ماينارد كينز)، خلال ذروة رواجه، بدعم كبير من الساسة المحافظين لا يقل عن دعم اليساريين. وفي الولايات المتحدة، أبدى الرئيسان الجمهوريان دوايت أيزنهاور وريتشارد نيكسون قناعة تامة بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها النموذج ــ ومنها أسواق خاضعة للتنظيم، وإعادة للتوزيع، وتأمين اجتماعي، وسياسات اقتصاد كلي معاكسة للدورات الاقتصادية ــ فعملا على توسيع برامج الرفاه الاجتماعية وتقوية اللوائح المنظمة لأماكن العمل والقواعد التنظيمية البيئية.
تكرر وضع مشابه مع الليبرالية الجديدة، إذ جاءت الدَفعة التي حصل عليها ذلك النموذج من خبراء اقتصاديين وساسة ــ أمثال ميلتون فريدمان ورونالد ريجان ومارجريت ثاتشر ــ كانوا متحمسين للسوق. لكن هيمنة النموذج في النهاية تعود بشكل كبير إلى قادة يسار الوسط أمثال بِل كلينتون وتوني بلير، اللذين كانا استوعبا كثيرا من أجندة هذا النموذج المؤيدة للسوق. بالتالي ضغط هذان القائدان من أجل إلغاء الضوابط التنظيمية، وتكريس التوسع المالي، والعولمة المفرطة، مع إعطاء تعهدات كاذبة بشأن تخفيف توابع ذلك الاتجاه كزيادة اتساع فجوات التفاوت وانعدام الأمن الاقتصادي.
واليوم نجد أنفسنا في خضم تحول ينأى بنا عن الليبرالية الجديدة، وإن كان البديل غامضا بشدة. لكن لا يعني غياب نموذج صلب جديد شيئا سيئا بالضرورة، إذ لسنا بحاجة مرة أخرى لسلطة وصاية تقدم حلولا نمطية فضفاضة وخططا مُعدَّة سلفا لدول وأقاليم متباينة الظروف والاحتياجات.
To continue reading, register now.
Subscribe now for unlimited access to everything PS has to offer.
The Russian state’s ideological madness and reversion to warlordism have been abetted by a religious fundamentalism that openly celebrates death in the name of achieving a god-like status. As Vladimir Putin’s propagandists are telling Russians, “Life is overrated.”
traces the religious and intellectual roots of the Kremlin’s increasingly morbid war propaganda.
It is hard to reconcile the jubilant mood of many business leaders with the uncertainty caused by the war in Ukraine. While there are some positive signs of economic recovery, a sudden escalation could severely destabilize the global economy, cause a stock market crash, and accelerate deglobalization.
warns that the Ukraine war and economic fragmentation are still jeopardizing world growth prospects.
Log in/Register
Please log in or register to continue. Registration is free and requires only your email address.
كمبريدج ــ يصبح أي نموذج اقتصادي جديد راسخا بالفعل حينما يبدأ معارضوه المزعومون في رؤية العالم من خلال عدساته. فقد حظي نموذج دولة الرفاه الكينزية (الذي اقترحه جون ماينارد كينز)، خلال ذروة رواجه، بدعم كبير من الساسة المحافظين لا يقل عن دعم اليساريين. وفي الولايات المتحدة، أبدى الرئيسان الجمهوريان دوايت أيزنهاور وريتشارد نيكسون قناعة تامة بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها النموذج ــ ومنها أسواق خاضعة للتنظيم، وإعادة للتوزيع، وتأمين اجتماعي، وسياسات اقتصاد كلي معاكسة للدورات الاقتصادية ــ فعملا على توسيع برامج الرفاه الاجتماعية وتقوية اللوائح المنظمة لأماكن العمل والقواعد التنظيمية البيئية.
تكرر وضع مشابه مع الليبرالية الجديدة، إذ جاءت الدَفعة التي حصل عليها ذلك النموذج من خبراء اقتصاديين وساسة ــ أمثال ميلتون فريدمان ورونالد ريجان ومارجريت ثاتشر ــ كانوا متحمسين للسوق. لكن هيمنة النموذج في النهاية تعود بشكل كبير إلى قادة يسار الوسط أمثال بِل كلينتون وتوني بلير، اللذين كانا استوعبا كثيرا من أجندة هذا النموذج المؤيدة للسوق. بالتالي ضغط هذان القائدان من أجل إلغاء الضوابط التنظيمية، وتكريس التوسع المالي، والعولمة المفرطة، مع إعطاء تعهدات كاذبة بشأن تخفيف توابع ذلك الاتجاه كزيادة اتساع فجوات التفاوت وانعدام الأمن الاقتصادي.
واليوم نجد أنفسنا في خضم تحول ينأى بنا عن الليبرالية الجديدة، وإن كان البديل غامضا بشدة. لكن لا يعني غياب نموذج صلب جديد شيئا سيئا بالضرورة، إذ لسنا بحاجة مرة أخرى لسلطة وصاية تقدم حلولا نمطية فضفاضة وخططا مُعدَّة سلفا لدول وأقاليم متباينة الظروف والاحتياجات.
To continue reading, register now.
Subscribe now for unlimited access to everything PS has to offer.
Subscribe
As a registered user, you can enjoy more PS content every month – for free.
Register
Already have an account? Log in