diwan18_ANWAR AMROAFP via Getty Images_lebanonprotestgirls Anwar Amro/AFP via Getty Images

العاصفة الكاملة في لبنان

بيروت ــ عندما نتأمل في الأزمات المالية بعد انقضائها، فإنها تبدو عادة وكأنها حتمية أو مقدرة سلفا؛ لكنها نادرا ما تقدم لنا أي قدر يُذكَر من الوضوح بشأن اتجاه التاريخ. هذه هي الحال بكل تأكيد في لبنان اليوم، حيث تسببت أزمة كان من الممكن التنبؤ بها في الدفع بالبلاد إلى حالة عميقة من عدم اليقين.

منذ انتهت الحرب الأهلية الطويلة في لبنان (1975-1990)، كان اقتصاده ونظامه السياسي مدعومين بالاقتراض من الخارج، الأمر الذي أدى حتما إلى مستويات غير قابلة للاستدامة من الدين العام. وعند مرحلة ما، كان لابد من وقف تدفقات رأس المال إلى الداخل، وجاءت هذه اللحظة في عام 2019، في أعقاب سلسلة من الصدمات السلبية.

بفِعل هذا "التوقف المفاجئ"، ألمت بالبلد أزمة ثلاثية هائلة الضخامة. تتلخص المشكلة الأولى في ميزان المدفوعات. يبلغ عجز الحساب الجاري في لبنان 25% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى مهول، وقاعدته التصديرية ضئيلة للغاية ولا تكفي حتى لتغطية تكاليف الواردات الأساسية. والمشكلة الثانية مالية. إذ يتجاوز مجموع الدين العام في لبنان 150% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تشهد العائدات الحكومية انهيارا ملحوظا تحت وطأة الركود، كما يسجل عجز الميزانية ــ الذي كان ضخما بالفعل عند مستوى 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 ــ زيادة سريعة.

https://prosyn.org/quxLVy6ar