إيران في مواجهة بريطانيا: من يتراجع أولاً؟

رغم الاتهام الذي وجهه المعلقون السياسيون إلى بريطانيا بالاستسلام والإذعان لإيران ومنحها الفرصة لإحراز انتصار مهين في مقابل إطلاق سراح مشاة البحرية الخمسة عشر في الأسبوع الماضي، إلا أن حقيقة الأمر تبدو أقرب إلى العكس من ذلك. ولكن لكي نفهم السبب وراء هذا يتعين علينا أن نرى الصورة الأكبر للسياسة الإيرانية الداخلية التي شكلت خلفية الأزمة الأخيرة.

إن مشكلتنا مع إيران هي في الحقيقة مشكلة مع سلاح الحرس الثوري الإسلامي والمؤسسات المتحالفة له مثل ميليشيا الباسيج. فهذه هي "القوى" التي تخدم كقاعدة سياسية يستند إليها المحافظون داخل إيران. ففي مقابل الحصول على دعم الحرس الثوري الإسلامي سمح لهم الزعماء السياسيون، مثل الرئيس السابق أكبر هاشمي رافسنجاني والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ، بالنمو حتى أصبحوا يشكلون دولة شبه مستقلة داخل الدولة. واليوم تحول الحرس الثوري الإسلامي إلى مؤسسة ضخمة ومتوسعة، تمتلك جهاز استخبارات خاص بها، وقاعدة تصنيعية، وشركات تصدير واستيراد، على نحو أشبه بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي ( FSB )، أو المؤسسة العسكرية الصينية. ومنذ وصل نظام أحمدي نجاد الحالي إلى السلطة عمل على مكافأة الشركات التابعة للحرس الثوري الإسلامي بمنحها عقود مباشرة بلغت قيمتها المليارات، الأمر الذي زاد من الشعور المتعاظم بين عامة الإيرانيين بفساد هذه المؤسسة.

يعتقد عدد كبير من المحللين أن المرشد الأعلى على خامنئي وضع الرئيس الحالي غريب الأطوار محمود أحمدي نجاد في منصبه كوسيلة لموازنة تأثير الرئيس السابق رافسنجاني ، إلا أنه ندم على ذلك الاختيار منذ تحدث أحمدي نجاد بإسهاب حول مسألة الهولوكوست (محرقة اليهود في إبان الحرب العالمية الثانية) فدفع بإيران إلى المزيد من العزلة. ينتمي الرئيس الحالي في الأصل إلى الحرس الثوري الإسلامي (وبالتحديد من وحدة رمضان التابعة لقوة القدس)، ولقد استخدم هذه المؤسسة ومليشيا الباسيج في ترسيخ سلطته عن طريق التحرك ضد الخصوم السياسيين الأكثر ليبرالية.

https://prosyn.org/yaHWWs4ar