james193_Image SourceGetty Images_dollareuropound2 Image Source/Getty Images

كل ما هو صلب يذوب في أتون التضخم

برينستون ــ يبدو الأمر وكأن البلدان الصناعية الغربية انزلقت إلى حلقة زمنية متكررة بلا نهاية، حيث لا يعيد التضخم المرتفع على نحو غير متوقع ذكريات من سبعينيات القرن الماضي فحسب، بل وأيضا مناقشات تلك الحقبة السياسية والشكوك السياسية التي صاحبتها. هل يُـعَـد التضخم دائما وفي كل مكان ظاهرة نقدية، كما أصر ميلتون فريدمان؟ أو أنه نتيجة للتوسع المالي المفرط ــ أو مجرد عَـرَض من أعراض اختلال وظيفي ديمقراطي أكثر شمولا؟

لم تكن مناقشات السبعينيات تدور فقط حول المسائل الفنية المرتبطة بإدارة الاقتصاد الكلي. بل أثارت أيضا الشكوك حول استدامة وشرعية نموذج الديمقراطية الغربي. كان العالم محاطا بانعدام الاستقرار الجيوسياسي، وقد أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدعوات التي طالبت بنظام اقتصادي دولي جديد. والآن بعد أن اشتعلت مرة أخرى العديد من ذات القضايا السياسية والجيوسياسية، يعمل التضخم كمقياس لدرجة الحرارة. مع تزايد حجم الأموال التي تسعى وراء كم أقل من السلع، ترتفع الأسعار ــ ويصبح الاقتصاد محموما.

مع ذلك، خلال فترات الإبداع النقدي، تزداد صعوبة التعرف على ماهية النقود. لن يجادل أحد في حقيقة مفادها أن الإبداع النقدي كان يتقدم بخطى شديدة السرعة على مدار العقد الأخير. ولكن ينبغي لنا أن نتذكر أن السبعينيات شهدت أيضا ثورة مالية، والتي زادت من عدم وضوح الفوارق التي كان من الصعب تمييزها في السابق بين المال وغير المال. كان هذا جزئيا نتيجة للتضخم، وهو ما دفع عملاء البنوك إلى الفرار من الحسابات الجارية التي لا تحمل فائدة إلى بدائل مثل شهادات الإيداع أو الحسابات في البنوك غير التقليدية.

https://prosyn.org/NIBxNZTar