الذاكرة التاريخية والإخفاق في عالم الهندسة

ذات يوم أطلق الشاعر والفيلسوف الأميركي الأسباني تحذيراً قال فيه: "أولئك الذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم بأن يعيدوا تمثيل أحداثه". ويصدق هذا الكلام بشكل خاص في مجال بناء الجسور، حيث سجل التاريخ على مَر المائة والخمسين عاماً الماضية حالات إخفاق دراماتيكية على فترات منتظمة إلى حد يثير الذهول.

في عام 1847 وقع أول إخفاق إنشائي كبير في شبكة السكك الحديدية البريطانية المتسعة في تشستر بإنجلترا. حيث انهار جسر دي، الذي جاء تصميمه من الحديد الزهر والحديد المطروق على غرار نمط شائع في تلك الفترة، تحت ثقل قطار عابر، مما أدى إلى مقتل كل من كان على متن ذلك القطار. ولقد كشفت التحقيقات اللاحقة أن بنية الجسر، الذي كان الأطول من نوعه، قد تجاوز تصميمها الحدود الهندسية الآمنة لجسور السكك الحديدية إلى حد كبير.

في عام 1879 امتد أطول جسر في العالم آنذاك بين ضفتي نهر تاي في دندي باسكتلندا. كان الجسر مؤلفاً من العديد من القناطر البسيطة، ولم تتضمن بنيته أي من المفاهيم التصميمية المتطرفة الجديدة، بل كان تصميمه مجرد تطبيق لتقنيات ثبت نجاحها آنذاك. ومع ذلك فقد استخف المصممون بقوة الرياح إلى حد فادح، وكانت العمالة رديئة. ونتيجة لهذا فقد اقتلعت عاصفة هوجاء جسر تاي من على دعاماته.

https://prosyn.org/p5ko3Njar