نزع سلاح الشرق الأوسط

تل أبيب ـ يبدو إن النداء اليائس الذي وجهته إسرائيل إلى العالم لمنع ما وصفته أجهزة استخباراتها باندفاع إيران الراكض نحو إنتاج القنبلة النووية، لم يستقبل بردود الفعل الإيجابية التي توقعتها إسرائيل. فبعد أن أثبت نظام العقوبات الذي تتبناه الأمم المتحدة الآن عجزه التام، ومع فشل الدبلوماسية الدولية الواضح في منع الإيرانيين من إتقان تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، باتت إسرائيل محصورة في ركن الحلبة. وما كان من المفترض أن يشكل جهداً دولياً للوساطة تدهور إلى مواجهة مهلكة بين إسرائيل وإيران.

وهنا يبرز نوع من الشذوذ المثير للاهتمام، فعلى الرغم من اللغة الخطابية الوضيعة المعادية للسامية التي يتبناها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ، إلا أن العواقب الضمنية المترتبة على بروز قوة إيران تمتد إلى ما هو أبعد من الدولة اليهودية. إذ أن تأثيراتها تشمل العالم العربي بالكامل، وخاصة بلدان الخليج الضعيفة، بل وحتى أفغانستان وباكستان. والولايات المتحدة، باعتبارها قوة مؤثرة على الأحداث في الشرق الأوسط لها مصلحة في صد تيار الانتشار النووي الذي بات الآن يتهدد الشرق الأوسط. فلا شك أن امتلاك إيران للأسلحة النووية من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه أمام سباق محموم إلى امتلاك القنبلة النووية في مختلف أنحاء المنطقة.

إن إخفاق النظام الدولي في معالجة القضية النووية في الشرق الأوسط على نحو فعّال ينبع في الأساس من الانقسام بين روسيا والولايات المتحدة، والذي ساهمت في إحداثه إلى حد كبير الإستراتيجية الأميركية العنيدة. لا أحد يستطيع أن يزعم أن روسيا راغبة في بروز إيران نووية. بيد أنها في غمرة مساعيها الرامية إلى اكتساب القوة والقدرة في مواجهة السياسات الأميركية التي تعتبرها معادية، وكوسيلة للمساومة من أجل تأسيس بنية أمنية عالمية أكثر قبولاً في نظرها مع الغرب، ترفض الانضمام إلى القيادة الأميركية في الجهود الدولية الرامية إلى تقليص الطموحات النووية الإيرانية.

https://prosyn.org/YvJKhIlar