نيويورك – بعد سقوط صدام حسين ، نجحت الولايات المتحدة الامريكية بالضغط على الدائنين من اجل شطب الدين الخارجي للعراق . لقد جادل كبار المسؤولين الامريكيين بما في ذلك بول ولفووتز والذي اصبح لاحقا رئيسا للبنك الدولي ، بأنه لا يجب ان يكون الشعب العراقي مثقلا بالالتزامات التي قام بها الدكتاتور من اجل اثراء نفسه وقمع مواطنيه. ان مناصري شطب الديون والذين يعتمدون على مبدأ راسخ في القانون الدولي يدعون ان دين العراق كان دينا " مشينا" وكنتيجة لذلك لم يعد الدائنون محميون بموجب القواعد القانونية الدولية.
بينما تجتاح رياح التغيير السياسي الشرق الاوسط فإن قضية الدين المشين قد عادت مرة اخرى. لكن لا يمكن تصنيف جميع الديون التي التزم بها نظام قمعي سابق على انها " مشينة " لهذا السبب فقط . ان السؤال هنا هو كم من تلك الاموال ذهبت الى برامج تنمية مشروعة وكم من تلك الاموال ذهبت من اجل دعم النظام ولجيوب قادته؟
أما في الحالة المصرية على سبيل المثال فلقد ذكرت وزيرة التعاون الاقتصادي فايزة ابو النجا في يناير ان مبارك نفسه كان يوجه سياسة الدين الاجنبي للبلاد " ويشرف على العملية باكملها " . حتى لو كان هذا صحيحا فإنه ربما لا يوجد اي خطأ من الناحية القانونية فيما يتعلق بهذا الترتيب وعلى اية حال فإن الاقراض والمساعدات لمصر من قبل الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من القوى الغربية كانت دائما متشابكة مع الجغرافيا السياسية علما ان استخدام ادوات تمويلية من اجل دعم حليف مخلص في منطقة غير مستقرة لا يعد أمرا مشينا او غير شرعيا بحد ذاته.
لكن بمقدار مساهمة المبالغ بالقمع الداخلي أو الاثراء الشخصي لقادة النظام ، فإن من الممكن ان الدائنين يتحملون بعض المسؤولية أو على أقل تقدير المسؤولية عن التخفيف على دافعي الضرائب من عبء الدين الذي تم اكتسابه بشكل يخالف مصالحهم او بدون اهتمام بتلك المصالح. ان هذه المسؤولية لا يمكن ان تكون مطلقة او غير محددة ، ويجب ان تكون مقتصرة على الحالات التي يكون فيها الدائنون على علم
(أو كان يتوجب عليهم ان يكونوا على علم ) بإن المبالغ يمكن ان تستخدم لاغراض الفساد او القمع.
ان غالبية الدين الخارجي المصري المقدر بمبلغ 35-37 بليون دولار امريكي هو مستحق لمصلحة دائنين رسميين (حكوميين ) ولمؤسسات تنموية متعددة الاطراف واقليمية وفي الوقت نفسه يصف البنك الدولي بشكل علني مصر على انها من اكثر بلدان المنطقة فسادا ، كما ان مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي قد ابقت على مصر كواحدة من زبائنها الرئيسيين.
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
كما هو الحال في مصر فلقد ازداد الاقتراض الاجنبي لتونس بشكل كبير في السنوات الاخيرة بينما ساء وضع الفساد حسب مقاييس مؤسسة الشفافية الدولية بشكل كبير. في كلا البلدين ، قامت النخبة الضيقة بادارة الاقتصاد والتلاعب به لما فيه مصلحتها ، ولكن تلك النخبة وجدت ان من السهولة ان تحصل على المديح من المؤسسات المالية الدولية كلما قاموا بمبادرات تجاه التحرر.
ان مما لا شك فيه ان التخفيف من عبء الديون سوف يسهل على الانظمة الجديدة المضي قدما بسياسات ملحة وخلق الوظائف وتحسين البنية التحتية وتطوير القوى البشرية. لكن قضية شطب الديون هي في الاساس تتعلق بالعدالة الانتقالية . ان مخاطرة عقد صفقة سريعة مع الدائنين من اجل اعفاء الديون تتمثل في استبعاد مفهوم المساءلة عن الماضي.
يجب بدلا من ذلك تشكيل مفوضية مستقلة من اجل تفحص سياسة النظام السابق المتعلقة بالاقتراض الخارجي واهدافها وتأثيراتها وما الذي كان يعرفه الدائنون ( او كان من المفترض ان يعرفوه ) عن تلك الاهداف والتأثيرات.
يجب أن تكون هذه المفوضية مؤلفة في غالبيتها من مواطنين يتمتعون بمصداقية عامة عريضة ، وربما ايضا من وفد صغير من الخبراء الاجانب . ان مهمة تلك المفوضية يجب ان لا تقتصر على تحميل المسؤولية عن القرارات السابقة ولكن ايضا التوصل لتوصيات تتعلق باقتراض شفاف وخاضع للمساءلة في المستقبل. وعلى اساس النتائج التي تتوصل اليها تلك المفوضية ، يتوجب على الحكومة الجديدة ان تنخرط في مناقشات مع دائنيها الرسميين بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية.
ان المنتقدين للاعفاء من الديون المشينة يجادلون ان مثل هذه الاعفاء قد ينطوي على مخاطرة الحد من الاقراض لبعض الدول النامية في المستقبل نظرا لوجود شكوك في عملية السداد . لكن فيما يتعلق بالانظمة والتي تستخدم الائتمان الاجنبي من اجل تأجيل اصلاحات سياسية واقتصادية محلية مطلوبة ،فإن هذه النتيجة هي في واقع الامر نتيجة طيبة.
يجب على الدائنين على أقل تقدير ان يتحققوا بحرص اكبر من اولئك الذين يقومون باقراضهم واين ستذهب تلك الاموال حقا . لو غض الدائنون الطرف عن الفساد والقمع ، فإنه يتوجب عليهم ان يدفعوا الثمن.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
In the United States and Europe, immigration tends to divide people into opposing camps: those who claim that newcomers undermine economic opportunity and security for locals, and those who argue that welcoming migrants and refugees is a moral and economic imperative. How should one make sense of a debate that is often based on motivated reasoning, with emotion and underlying biases affecting the selection and interpretation of evidence?
To maintain its position as a global rule-maker and avoid becoming a rule-taker, the United States must use the coming year to promote clarity and confidence in the digital-asset market. The US faces three potential paths to maintaining its competitive edge in crypto: regulation, legislation, and designation.
urges policymakers to take decisive action and set new rules for the industry in 2024.
The World Trade Organization’s most recent ministerial conference concluded with a few positive outcomes demonstrating that meaningful change is possible, though there were some disappointments. A successful agenda of reforms will require more members – particularly emerging markets and developing economies – to take the lead.
writes that meaningful change will come only when members other than the US help steer the organization.
نيويورك – بعد سقوط صدام حسين ، نجحت الولايات المتحدة الامريكية بالضغط على الدائنين من اجل شطب الدين الخارجي للعراق . لقد جادل كبار المسؤولين الامريكيين بما في ذلك بول ولفووتز والذي اصبح لاحقا رئيسا للبنك الدولي ، بأنه لا يجب ان يكون الشعب العراقي مثقلا بالالتزامات التي قام بها الدكتاتور من اجل اثراء نفسه وقمع مواطنيه. ان مناصري شطب الديون والذين يعتمدون على مبدأ راسخ في القانون الدولي يدعون ان دين العراق كان دينا " مشينا" وكنتيجة لذلك لم يعد الدائنون محميون بموجب القواعد القانونية الدولية.
بينما تجتاح رياح التغيير السياسي الشرق الاوسط فإن قضية الدين المشين قد عادت مرة اخرى. لكن لا يمكن تصنيف جميع الديون التي التزم بها نظام قمعي سابق على انها " مشينة " لهذا السبب فقط . ان السؤال هنا هو كم من تلك الاموال ذهبت الى برامج تنمية مشروعة وكم من تلك الاموال ذهبت من اجل دعم النظام ولجيوب قادته؟
أما في الحالة المصرية على سبيل المثال فلقد ذكرت وزيرة التعاون الاقتصادي فايزة ابو النجا في يناير ان مبارك نفسه كان يوجه سياسة الدين الاجنبي للبلاد " ويشرف على العملية باكملها " . حتى لو كان هذا صحيحا فإنه ربما لا يوجد اي خطأ من الناحية القانونية فيما يتعلق بهذا الترتيب وعلى اية حال فإن الاقراض والمساعدات لمصر من قبل الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من القوى الغربية كانت دائما متشابكة مع الجغرافيا السياسية علما ان استخدام ادوات تمويلية من اجل دعم حليف مخلص في منطقة غير مستقرة لا يعد أمرا مشينا او غير شرعيا بحد ذاته.
لكن بمقدار مساهمة المبالغ بالقمع الداخلي أو الاثراء الشخصي لقادة النظام ، فإن من الممكن ان الدائنين يتحملون بعض المسؤولية أو على أقل تقدير المسؤولية عن التخفيف على دافعي الضرائب من عبء الدين الذي تم اكتسابه بشكل يخالف مصالحهم او بدون اهتمام بتلك المصالح. ان هذه المسؤولية لا يمكن ان تكون مطلقة او غير محددة ، ويجب ان تكون مقتصرة على الحالات التي يكون فيها الدائنون على علم
(أو كان يتوجب عليهم ان يكونوا على علم ) بإن المبالغ يمكن ان تستخدم لاغراض الفساد او القمع.
ان غالبية الدين الخارجي المصري المقدر بمبلغ 35-37 بليون دولار امريكي هو مستحق لمصلحة دائنين رسميين (حكوميين ) ولمؤسسات تنموية متعددة الاطراف واقليمية وفي الوقت نفسه يصف البنك الدولي بشكل علني مصر على انها من اكثر بلدان المنطقة فسادا ، كما ان مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي قد ابقت على مصر كواحدة من زبائنها الرئيسيين.
Subscribe to PS Digital
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
كما هو الحال في مصر فلقد ازداد الاقتراض الاجنبي لتونس بشكل كبير في السنوات الاخيرة بينما ساء وضع الفساد حسب مقاييس مؤسسة الشفافية الدولية بشكل كبير. في كلا البلدين ، قامت النخبة الضيقة بادارة الاقتصاد والتلاعب به لما فيه مصلحتها ، ولكن تلك النخبة وجدت ان من السهولة ان تحصل على المديح من المؤسسات المالية الدولية كلما قاموا بمبادرات تجاه التحرر.
ان مما لا شك فيه ان التخفيف من عبء الديون سوف يسهل على الانظمة الجديدة المضي قدما بسياسات ملحة وخلق الوظائف وتحسين البنية التحتية وتطوير القوى البشرية. لكن قضية شطب الديون هي في الاساس تتعلق بالعدالة الانتقالية . ان مخاطرة عقد صفقة سريعة مع الدائنين من اجل اعفاء الديون تتمثل في استبعاد مفهوم المساءلة عن الماضي.
يجب بدلا من ذلك تشكيل مفوضية مستقلة من اجل تفحص سياسة النظام السابق المتعلقة بالاقتراض الخارجي واهدافها وتأثيراتها وما الذي كان يعرفه الدائنون ( او كان من المفترض ان يعرفوه ) عن تلك الاهداف والتأثيرات.
يجب أن تكون هذه المفوضية مؤلفة في غالبيتها من مواطنين يتمتعون بمصداقية عامة عريضة ، وربما ايضا من وفد صغير من الخبراء الاجانب . ان مهمة تلك المفوضية يجب ان لا تقتصر على تحميل المسؤولية عن القرارات السابقة ولكن ايضا التوصل لتوصيات تتعلق باقتراض شفاف وخاضع للمساءلة في المستقبل. وعلى اساس النتائج التي تتوصل اليها تلك المفوضية ، يتوجب على الحكومة الجديدة ان تنخرط في مناقشات مع دائنيها الرسميين بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية.
ان المنتقدين للاعفاء من الديون المشينة يجادلون ان مثل هذه الاعفاء قد ينطوي على مخاطرة الحد من الاقراض لبعض الدول النامية في المستقبل نظرا لوجود شكوك في عملية السداد . لكن فيما يتعلق بالانظمة والتي تستخدم الائتمان الاجنبي من اجل تأجيل اصلاحات سياسية واقتصادية محلية مطلوبة ،فإن هذه النتيجة هي في واقع الامر نتيجة طيبة.
يجب على الدائنين على أقل تقدير ان يتحققوا بحرص اكبر من اولئك الذين يقومون باقراضهم واين ستذهب تلك الاموال حقا . لو غض الدائنون الطرف عن الفساد والقمع ، فإنه يتوجب عليهم ان يدفعوا الثمن.