الفيروس الذي غَـيَّـرَ العالَم

برلين ــ كانت جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19 COVID-19) شديدة القسوة في الكشف عن نقاط الضعف التي تعيب المؤسسات التي تعتمد عليها الغالبية العظمى من سكان العالم. ويشمل هذا الحكومات الوطنية والنظام الدولي. ومن غير المرجح أن تنجو الحكومات ولا مؤسسات النظام الدولي في هيئتها الحالية من الأزمة ــ ولا ينبغي لها أن تنجو.

قبل وقت طويل من إعلان معلقين فَـطِنين عن وصول "الأنثروبوسين" ــ عصر جيولوجي يتسم بسيطرة الجنس البشري على الطبيعة ــ كان من الحقائق البدهية في الاقتصادات الصناعية المتقدمة أن العالَم أصبح خاضعا لسيطرتنا المطلقة. ثم أتى كائن مجهري، ومعه صدمة عالمية. فعلى الرغم من كل معارفنا العلمية وقدراتنا التكنولوجية، كانت اليد العليا لكوفيد-19، على الأقل في الوقت الحاضر.

وما زاد من جسامة المفارقة أن الدول الأكثر تقدما وقوة كانت بين أقل الدول استعدادا للجائحة. فبعد أن أنفقت مئات المليارات من الدولارات على البحث والتطوير، أصبحت تمتلك أقوى التكنولوجيات وأعتى الجيوش في العالم، لكنها لم تأخذ على مـحمل الجد الخطر المتمثل في احتمال قدوم التهديد الكبير التالي من الطبيعة. نحن نعلم الآن أن هذا كان خطأ ينطوي على أبعاد تاريخية. وما بدا وكأنه غير محتمل ولا يُـصَـدَّق يحدث الآن أمام أعيننا ببساطة؛ فقد حَـطَّـت أم جميع البجعات السوداء. (البجعة السوداء حدث بعيد الاحتمال للغاية).

https://prosyn.org/xuRoab8ar