قانون مكافحة الانسحاب يرتد إلى نحر الصين

إن إقرار أي قانون عن طريق المجلس التشريعي الشعبي الوطني في الصين، والذي اشتهر بالموافقة الروتينية على مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة دون تفكير أو مناقشة، ليس سوى مجرد إجراء شكلي في كل الأحوال. لكن التشريع المثير للجدال بشأن الانسحاب التايواني المخالف للقانون أثبت أنه بعيد كل البعد عن الروتينية. فقد أدى إلى تفاقم الخطر الذي يواجهه المعسكر المؤيد للاستقلال على الجزيرة، كما أدى إلى تعاظم احتمالات نشوب نزاع عسكري عبر مضيق تايوان.

من قبيل المفارقة أن تؤدي اللغة المبهمة التي استخدمها قانون مكافحة الانسحاب، علاوة على محاولة اختيار كلمات لينة في صياغته ـ ربما بهدف تهدئة المنتقدين في الخارج ـ إلى تفاقم وليس تقليص احتمالات انجراف الصين والولايات المتحدة، على نحو غير مقصود ودون إدراك للعواقب الوخيمة، إلى نزاع عسكري يمكن اجتنابه. وبسبب إخفاق ذلك القانون في وضع خطوط واضحة لـِ"الخطوط الحمراء" المسلم بها أو المحتملة والتي لا تستطيع تايوان أن تتجاوزها، فقد ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام احتمالات القيام بحسابات خاطئة أو الوقوع في سوء فهم.

وعلى الرغم من الأسابيع العديدة التي شهدت ضغوطاً مكثفة من قِـبَل الولايات المتحدة بغرض تخفيف ـ أو حتى سحب ـ القانون المقترح، إلا أن قادة الصين بذلوا ما هو أكثر قليلاً من مجرد المحاولة من أجل تعزيز موقفهم الذي يؤكدون من خلاله أن اللجوء إلى الإجراءات "غير السلمية" (أو العسكرية بعبارة أخرى) لن يأتي إلا كملاذ أخير ـ وهو ما تم التسليم بصحته على أية حال. ولقد جاء رد فعل إدارة الرئيس بوش متبلداً على غير المعتاد، حيث طالبت بكين بإعادة النظر في إقرار ذلك القانون ـ وهو ما يشكل في واقع الأمر تدخلاً لفظياً مباشراً فيما تعتبره الصين شأناً داخلياً.

https://prosyn.org/PkDRJ9xar