sachs337_Stephen MaturenGetty Images_us ballot election Stephen Maturen/Getty Images

إعادة بناء أميركا للمرة الثالثة

نيويورك ــ أميركا أمة واحدة تحتوي ثقافتين. جلبت الثقافة الأولى العبودية، والإبادة الجماعية للأميركيين الأصليين، وقوانين "جيم كرو" التي فرضت سيادة ذوي البشرة البيضاء، وبلطجة وكذب وقسوة الرئيس السابق دونالد ترمب، والتي بلغت ذروتها في تمرد السادس من يناير/كانون الثاني الذي شهده مبنى الكونجرس الأميركي في كابيتول هِـل. وجلبت الثقافة الثانية تحرير العبيد، وحركة الحقوق المدنية، والرئيس باراك أوباما، والآن انتخاب جو بايدن. كانت ثقافة تفوق ذوي البشرة البيضاء ــ التي تعتنقها قِـلة متزايدة الانكماش من الأميركيين ــ تؤسس قوتها دائما على العنف وقمع الناخبين. لهذا السبب، تُـعَـد المعركة الحالية حول حقوق التصويت معركة من أجل مستقبل أميركا.

الآن، تدور رُحى المعركة بين الثقافتين في مختلف أنحاء البلاد وفي واشنطن العاصمة. دَفَـعَ فوز بايدن المتعصبين لتفوق ذوي البشرة البيضاء إلى مضاعفة جهودهم في قمع الناخبين. الواقع أن الحزب الجمهوري يعلم أنه لا يستطيع الإمساك بزمام السلطة الوطنية في تصويت عادل. وعلى هذا فإن المجالس التشريعية في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون تسعى الآن إلى فرض قيود جديدة على مشاركة الناخبين في التصويت والتي تستهدف المواطنين من غير ذوي البشرة البيضاء. في واشنطن، من ناحية أخرى، تدفع الثقافة الشاملة في الكونجرس ببعض من أهم إصلاحات حقوق التصويت منذ ستينيات القرن العشرين، والتي تهدف إلى ضمان تمكين كل الأميركيين من الوصول إلى صناديق الاقتراع.

استخدم أنصار التفوق الأبيض أداة قمع الناخبين لفترة طويلة في أميركا. وقد روى وليام إدوارد بورجارت دو بويز القصة بشكل نابض بالحياة في كتابه بعنوان "إعادة البناء الأسود"، الذي نُـشر في عام 1935. يَـصِـف دو بويز بعبارات موجعة وشاملة كيف حارب الأميركيون من أصل أفريقي ببطولة من أجل حريتهم في الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865)، وكيف ناضلوا ــ من خلال التعليم والعمل الجاد ــ من أجل التحرر الكامل كمواطنين في سنوات إعادة البناء (1865-1877). لكن هذا التحرر قـوطِـع بقسوة بسبب عنف الجنوبيين من ذوي البشرة البيضاء وإرهابهم، فضلا عن عدم المبالاة أو العنصرية من جانب العديد من ذوي البشرة البيضاء الشماليين. كان قمع أصوات الأميركيين من أصل أفريقي في جوهر نظام جيم كرو بعد إعادة البناء، في انتهاك صارخ للدستور.

https://prosyn.org/0RGkj5Sar