497e5e0246f86f780f1e1601_pa830c.jpg Paul Lachine

الإنسان والآلة، وما بين الاثنين

توبنجن، ألمانيا ـ لقد أصبحنا في أيامنا هذه محاطين بالعُدَد والأدوات إلى الحد الذي يجعل من الصعب علينا في بعض الأحيان أن نميز أين تنتهي الأجهزة ويبدأ البشر. فمن أجهزة الكمبيوتر والمسّاحات الضوئية إلى الأجهزة النقالة بمختلف أشكالها ينفق عدد متزايد من البشر قسماً كبيراً من حياتهم الواعية في التفاعل مع العالم من خلال أجهزة إلكترونية، حتى أصبح الحاجز الوحيد الذي يفصل بين الدماغ البشري والآلة هو الحواس ـ البصر، والسمع، واللمس ـ التي عبرها يتم الاتصال بين البشر والأجهزة. ولكن إذا أزلنا الحواس من المعادلة، فإن الأجهزة الإلكترونية قد تصبح الأعين التي نبصر بها، والآذان التي نسمع بها، بل وحتى أذرعنا وسيقاننا، فنستوعب العالم المحيط بنا ونتفاعل معه من خلال البرامج والأجهزة.

هذه ليست مجرد تكهنات. إذ أن واجهات التفاعل بين الدماغ البشري والآلة أصبحت راسخة بالفعل على المستوى الإكلينيكي (السريري) ـ على سبيل المثال، في استعادة السمع عن طريق زرع قوقعة بالأذن. كما أصبح بوسعنا معالجة المرضى المصابين بمرض باركنسون في مراحله النهائية بالتحفيز العميق للمخ ( DBS ). وتشير تجارب حالية تجرى في مجال الجراحات الترقيعية العصبية إلى الاحتمالات الهائلة في المستقبل لإمكانية تنفيذ تدخلات مماثلة، سواء لترقيع شبكية العين أو زرع الخلايا الجذعية للمكفوفين أو أجهزة تسجيل نشاط المخ للسيطرة على الأعضاء الاصطناعية.

لقد نجحت واجهات التفاعل غير الجراحية بين الدماغ البشري والآلة، والتي تعتمد على التخطيط الكهربائي للدماغ، في استعادة مهارات الاتصال لدى المرضى المصابين بالشلل. وتشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات وبعض الدراسات التي أجريت على البشر إلى أن السيطرة الكاملة الفورية على الأطراف الاصطناعية من الممكن أن تعرض على المرضى المصابين بالشلل الفرصة للقبض على الأشياء بأيديهم أو حتى الوقوف والسير بالاستعانة بسيقان اصطناعية يتحكم فيها الدماغ، ولو أن ذلك لن يتم على الأرجح إلا عن طريق وسائل جراحية معقدة، ومن خلال زرع أقطاب كهربائية في الدماغ مباشرة.

https://prosyn.org/6H2K6JBar