businesswoman graph Caiaimage/Agnieszka Olek/Getty Images

اعتماد البيانات للمساواة بين الجنسين

باريز — تشير وثيرة التقدم الراهنة ، أننا نحتاج إلى أكثر من 200 عام لتحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين النساء في العمل. وفي العديد من الدول، لازالت العديد من النساء يجبرن على الزواج في أعمار صغير، مما يقيد التحاقهن بالصفوف الدراسية والحصول عل فرص العمل. وفي النيجر، مثلا، في عام 2016،كان 76% من الفتيات التي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عاما متزوجات، وهذا ما يفسر مغادرتهن للمدراس حين بلوغهن سن الانتقال إلى المستوى الأساسي. كما أن تشغيل الأطفال شائع أيضا، ويؤمن ثلث نساء العالم تقريبا أن العنف المنزلي قابل للتبرير في بعض الحالات، مثل حرق الطعام.

 وماذا عن المبادئ الإنسانية عندما يكون ضرب المرأة مقبولا أكثر من حرق وجبة العشاء؟

إن الأطر القانونية تدخر قيما كهذه، فاليوم، لازالت عشر دول تسمح بالاغتصاب داخل المؤسسة الزوجية، وتعفي تسعة دول المغتصبين من العقاب مقابل الزواج بضحاياهم. وبالنسبة للعديد من النساء فهذه القيم تدخل في سمات الترتيبات الاجتماعية، وتحول دون حصولهن على الفرص. وعبر العالم، يمنع غياب إجازات الامومة المدفوعة الأجر، والتسهيلات في رعاية الأطفال، وسياسات عمل ملائمة للأسرة المرأة من المشاركة في الاقتصاد الرسمي. وحتى عندما تتمكن المرأة من الحصول على عمل، تتحمل ثلاث أرباع المسئوليات المنزلية.

ويبدو واضحا أن عالما ينعم بالمساواة وبشموله للنساء سيحتاج تغييرا واسع النطاق: في الإدراك والمواقف والأفكار النمطية الثابتة والقوانين. والنهوض بمثل هذا التغيير مبَرَّر ليس فقط أخلاقيا بل أيضا اقتصاديا. وحسب تقديراتنا، إذا أنهت الدول التمييز بين الجنسين، ومنحت النساء الحق في الولوج إلى التعليم والعمل على نطاق أوسع، سيرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6 ترليون دولار خلال العشر سنوات المقبلة. ولكن رغم أن الأسباب التي تدعو إلى التغيير قوية، فغالبا ما تصارع الدول لتغيير سياساتها المبنية على النوع الجنسي والتي تظهر في البيانات والإثباتات.

ولمعالجة هذا المشكل، وضعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في عام 2009، فهرس المؤسسات الاجتماعية والنوع الجنسي مع بيانات تتعلق ب180 بلدا. وستتمكن الحكومات، من خلال هذا الفهرس بالإضافة إلى مقياس محاكات السياسة الذي أطلق هذا العام، من تقييم مدى شمول سياساتها المتعلقة بالنوع الجنسي، وتحديد المجالات التي تستدعي الإصلاح، وتقييم البرامج التي تطبقها.

وقدمت هذه البيانات تفسيرا مهما. لنأخذ على سبيل المثال ألمانيا: ففي عام 2017، أصدر هذا البلد رسميا قانونا ينص على إلزامية المساواة في الأجور، عندما تكون قيمة العمل هي نفسها بالنسبة لكلا الجنسين. ويُرَجِّح فهرس المؤسسات الاجتماعية والنوع الجنسي  أن مثل هذا التغيير البسيط نسبيا، قد يوفر لألمانيا ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي، بناء على المنهجية التي وصفها غاييل فيران وأليكساندر غوليف.

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions
PS_Sales_Spring_1333x1000_V1

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions

Subscribe now to gain greater access to Project Syndicate – including every commentary and our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – starting at just $49.99.

Subscribe Now

وفي الشيلي، مَنح النساء المتزوجات نفس حقوق الرجل في الملكية من شأنه الرفع من مجموع الاستثمارات بنسبة 1%. وفي الفييتنام، ستؤدي مساعدة النساء في الحصول على نفس فرص العمل التي يحصل عليها الرجال إلى الرفع من نسبة المشاركة في القوى العاملة بنسبة 1%.

وفي العديد من الدول، فقط النساء من لهن الحق في الإجازة الوالدية، مما يرسخ فكرة أن الرعاية غير المدفوعة الأجر من تخصص المرأة، الذي يؤدي بدوره إلى سوء توزيع الواجبات المنزلية. وتمضي النساء في باكستان والهند، ، وقتا أطول عشر مرات من الرجل في الأعمال المنزلية، مما يعني أنهن يمضين وقتا أقل في الأنشطة المتعلقة بالسوق، وفي الدراسة أو ببساطة في الاسترخاء. وليس هذا التوجه منحصرا في جنوب آسيا.

وكيف يمكن للحكومات الاعتماد على فهرس المؤسسات الاجتماعية والنوع الجنسي لتغيير القوانين والنهوض بالمساواة بين الجنسين؟ إن أفضل طريقة هي التعلم من تجارب الآخرين. ففي جنوب أفريقيا، أدى قانون  الاعتراف بعقود الزواج العرفية عام 1988، بالإضافة إلى قانون الاتحاد المدني لعام 2006، إلى نهاية الزواج والعمل القسريين . وفي ليبيريا، يُخول قانون أصدر في عام 2015 للمرأة الحصول على نفس الأجر لنفس العمل. وفي عام 2000، ألغت إثيوبيا قانونا يسمح للرجل فقط بإدارة مداخيل الأسرة. وفي عام 2015، أنهت بلغاريا احتكار الرجال لبعض المهن. وفي عام 2002، سعت السويد إلى تحقيق التوازن في مسئوليات رعاية الأطفال بين الأبوين عن طريق الرفع من :"نصيب الرجل"  في قانون الإجازة الوالدية من شهر واحد إلى شهرين.  

وبفضل البيانات و التخطيط، أصبحت هذه المبادرات ممكنة، كما أن البيانات الجديدة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وضعت من أجل مساعدة الدول الأخرى لتحذو حذو الآخرين. وبالمعلومات، يمكن للقادة تحويل الخطاب بشأن المساواة بين الجنسين وتمكينهما إلى عمل ذو هدف. وفي النهاية، سيساعد مثل هذا العمل في خلق بيئة من المساواة بين النساء والرجال، وفي بناء مجتمعات مستدامة ومحترمة ومسالمة. ولدينا الآن البيانات اللازمة لمساعدة النساء على إبراز قدراتهن- ومعرفة ما سيقع لنا جميعا حين نفشل في القيام بهذا.

ترجمة: نعيمة أبروش  Translated by Naaima Abarouch

https://prosyn.org/MLZ3PmWar